منذ أن أعلن المنبر التقدمي عن التنافس على بعض الدوائر التي مثّلها في الفصل التشريعي المنقضي نواب من جمعية الوفاق، وهناك حملة متصاعدة ضدنا، بلغت حد التشكيك في مواقفنا الوطنية، ومع أن بيننا وبين الانتخابات بضعة شهور إلا أن الحملة الانتخابية المضادة لترشحنا بدأت مبكراً جداً، وبخفة شديدة لا تنم عن حصافة سياسية، وعن الضيق من الصوت الآخر، ولا أريد أن أقول أكثر من هذا في الوقت الحاضر على الأقل، يجري تصوير ترشحنا على انه مؤامرة على المعارضة، رغم السنوات التي انقضت، ونحن نشارك الوفاق في الكثير من الأنشطة والفعاليات في القضايا المشتركة، مع ان عبدالنبي سلمان وابراهيم كمال الدين وغيرهما من المرشحين الوطنيين لم يسقطوا في المراكز العامة عام 2006، وهذا ما يجري التهرب من مواجهته للأسف، فإذا بنا أمام لحظة يراد فيها تصوير الأمر كما لو أن المعارضة باتت حكراً على الوفاق وحدها.
فبمجرد أن أعلنا ترشحنا في تلك الدوائر يجري إسقاط تاريخ حافل بالتضحيات يمتد أكثر من نصف قرن، آخر علاماته رحيل ثلاثة من مناضلينا ومن رجالات هذا الوطن وحركته الوطنية الشجعان خلال أسابيع قليلة هم المناضل مجيد مرهون الذي قضى عقوبة السجن المؤبد لدوره في تصفية احد رموز جهاز الاستخبارات الاستعماري البريطاني، وجليل عمران الذي مات بشجاعة أمام المرفأ المالي وهو يهتف ضد تسريح المصرفيين، رغم سنوات عمره التي تكاد تبلغ السبعين، وأخيراً المناضل عبدعلي محمد أحمد أحد فرسان جبهة التحرير الوطني الشجعان وكوادرها اللامعة، وأشك أن الكثيرين ممن يجري توريطهم في الحملة ضدنا على دراية بذلك.
فكيف أصبحنا جمعية حكومية، بمجرد أننا ترشحنا في دوائر تحسبها الوفاق مغلقة عليها، ألا يضع ذلك على بساط النقاش مسألة الديمقراطية في علاقات الجمعيات السياسية بعضها بعضاً، وكيف سيصدق الناس المطالبة بتداول السلطة إذا كانت كل هذه الضجة قد أقيمت ضدنا بمجرد أن أعلنا ترشحنا.
ولم يعد سراً أننا أخفقنا في الوصول إلى قائمة مشتركة تمثل الجمعيات الست، بسبب رفض الوفاق لذلك، وبالتالي لم يكن أمامنا من خيار إلا أن نترشح منفردين، وأنا شخصياً أبلغت الأخوة في الوفاق، وقبل عدة شهور من الآن، بحضور الأمناء العامين للجمعيات الست انه في حال تعذر الاتفاق على قائمة مشتركة فإننا سننافس الوفاق في بعض الدوائر، ولما فعلنا ذلك قامت الدنيا.
فهل المطلوب منا أن ننسحب من المشهد السياسي في البحرين لكي يرضى عنا البعض، وإذا كان حدث بحجم الانتخابات النيابية وهو حدث وطني مفصلي غير مسموح لنا المشاركة فيه، فعن أي مطالبة بالديمقراطية يدور الحديث؟
المنافسة الانتخابية متاحة للجميع وسنقدم فيها برامجنا ورؤيتنا والآخرون سيقدمون الأمر نفسه وفي نهاية المطاف فان القرار يرجع للناخب، وكررنا خلال الأسابيع القليلة الماضية إن ما يهمنا ليست فكرة الفوز بحد ذاتها وإنما المشاركة في الانتخابات وطرح برامجنا وآرائنا، والالتقاء بأبناء شعبنا في عدة دوائر، وهذا حق لنا وواجب علينا، ولن يُثنينا هذا التهويش عن المضي في هذا الطريق، ونحن بذلك نضع الآخرين على محك إظهار صُدقيتهم في شرف المنافسة الانتخابية النزيهة وأخلاقياتها.
صحيفة الايام
30 يونيو 2010