المنشور

نحو مجلس حقيقي للتعاون بين دول الخليج


بعد مرور سنوات طويلة على إنشاء منظومة مجلس التعاون الخليجي، كتكتل إقليمي مهم على مستوى المنطقة العربية بل والمستمر حتى الآن في مقابل التجارب العربية الأخرى، إلا أنه يبقى دون مستوى تطلعات شعوب دول المنظومة الخليجية وطموحاتها خاصة أنه لا يعمل على أطر التعاون بقدر تحوله في بعض السياسات إلى أطر من التنافس، وهو ما يعني أن ما تأسس المجلس من أجله لم يترجم عبر سياسات توحيدية تعمل من أجل هدف مشترك لجميع الدول الأعضاء لأن ما يحدث على أرض الواقع هو عند البعض ترجمة لسياسات منفردة وتنافسية سواء كان هذا في مجال إقامة المصانع أو المراكز المالية والمصرفية أو حتى الفعاليات الرياضية وغيرها.
 
إن المتابع لسياسات مجلس التعاون قد يشعر في بعض سياساته أنه لم يسوِّق لفكرة مجلس موحد سوى في الشعارات والاجتماعات الدورية بينما ما يحدث هو أشبه ما يكون بسياسات منفصلة قد تضر في المستقبل على وحدة سياسات هذا المجلس. لذا من الضروري أن تكون أطر التعاون محددة وسياسات تكاملية بحيث يحدث التنافس ضمن إطار السوق الموحدة وليس ضمن أسواق ومشاريع منفصلة تنفرد بها كل دولة من دول المنظومة الخليجية ليتحول بعدها التنافس إلى تنافس سلبي بدلاً من شكله الإيجابي.
 
ونتيجة لذلك فإن أي تنافس سلبي لا أعتقد أنه سيحقق معادلة التعاون الذي تتحدث عنه بتفاؤل الدول الأعضاء، وخصوصاً أن العديد من المراقبين يرون أن حركة المال والبضائع والمواطنين بين دول المجلس مازالت ليست بالمستوى الذي يحلم به المواطن الخليجي مقارنة بالمكتسبات والميزات التي يحصدها المواطن الأوروبي من منظومة الاتحاد الأوروبي.
 
يقول أوروبيون مطلعون على مفاوضات اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون إن الأخير حتى الآن لا ينطلق من موقف موحد فيما يتعلق في مفاوضاته مع الأوروبيين الذين يحبذون رؤية دول مجلس التعاون تعمل في إطار سوق خليجية مشتركة فعلية، وهو ما لم يحصل حتى الآن ربما بسبب اختلاف الأولويات لدى دول المجلس، مثل معارضة عدد من الدول الخليجية بشأن تضمين اتفاق حقوق الإنسان، وتفاوت أهمية الصادرات الخليجية بين أعضاء المجلس، بالإضافة إلى استمرار ارتباط العملات الخليجية (ما عدا الكويت) بالدولار الذي لم يساعد حتى الآن في التوصل إلى اتفاق.
 
إن التعاون الحقيقي بين دول المجلس يجب أن يكمن في التغلب على أوجه الاختلاف وإزالة الحواجز التي تحدُّ من تنفيذ السياسات التوحيدية.
 
أما في موضوع المفاوضات الأوروبية حول اتفاق التجارة الحرة فإن الأوروبيين يشعرون أن مصالح اتحادهم الاقتصادية والتجارية مصانة سواء تم التوصل إلى اتفاق مع دول مجلس التعاون أم لم يتم.
 
صحيفة الوسط 23 يونيو 2010م