هذا هو السؤال الشاخص هذه الايام والذي حاول الزميل الدكتور حسن مدن معالجته في عمود يوم الثلاثاء عندما خاطب في الناخب وعيه الوطني لتفادي مجلس طائفي كالمجلس المنتهية ولايته والذي ان استطاع الدفاع عن نفسه في كل الملفات فلن يستطيع أبداً الدفاع عن نفسه في ” شعللة ” الاصطفافات الطائفية بذلك الأداء التطيفي الفاقع الذي طبع المجلس برمته.
لكن السؤال المهم هو الى اي مدى نستطيع وفق معطيات وحيثيات الوعي المهيمن والسائد الرهان على صوت الناخب لإنقاذنا من مجلس طائفي.. صحيح إننا لا نملك في خيار الاقتراع سوى هذا الرهان الذي لا مفر منه فصوت الناخب هو الفيصل ومزاج الناخب قد تغير عمّا هو عليه في انتخابات ٢٠٠٢ و٢٠٠٦ ولم تعد الولاءات هكذا مطلقة بلا ضابط وبلا حساب وحسابات لكننا أيضا بحاجة إلى طرح هذه القضية بصوت مرتفع ومسموع ومناقشتها مع الناخب تدفعنا الى تلك الرغبة لدى الناخب لسماع الاخر المختلف وهو الآخر الذي ضرب الطائفيون من الفريقين حوله سياجاً محكماً في السنوات السابقة حتى اثبتوا للمواطن فشلهم في ادارة الملفات على خلفية وطنية خالصة لا علاقة لها بالطائفية والمناطقية وهو ما أثار عليهم سيلاً من الانتقادات والمآخذات يعلنها الناس ويرددونها في كثيرٍ من المجالس وهي نفس المجالس التي لم تكن في السابق تسمح بنقذ اولئك وهو تحول تغير ايجابي ولاشك في الوعي العام البحريني المطلوب منه الآن « اذا حق او جاز لنا ان نطلب منه » الاستماع الى الآخر المختلف واعطائه مساحة وفرصة لعرض مشروعه الوطني والاصلاحي.
بدون الاستماع والانصات ومناقشة الآخر الوطني فلن يتبلور موقف جماهيري فاعل ومؤثر في التحول وعملية التغير وهو التغير الذي تطلبه الجماهير وتنادي به ونستدل على ذلك من النقد الشديد للاداء الطائفي الذي غلب على المجلس الأخير وحتى لا تتكرر نسخة ثانية من ذلك المجلس على الناخب من اليوم ان يبحث جاداً عن البديل الوطني وهذا حقه المشروع الذي لا ينازعه فيه منازع مهما تدثر بعباءة «المقدس» فالقضية موضوع البحث هي في الارض وليست في السماء وهي باختصار قضية اختيار نواب مؤهلين لدورهم النيابي على اساس الكفاءة والعلمية والوطنية اولاً لا الطائفية او الحزبية او المناطقية وهي المقاييس والمعايير التي حكمت انتخابات الدورتين السابقتين وكانت نتائجها مريرة وكبيرة السلبية في المجلس الاخير الذي عمل علناً وعلى رؤوس الاشهاد على توسيع الهوة الطائفية وتعميقها واللعب المكشوف والخطير جداً باوراقها بما اضاع على المواطنين وعلى الوطن مشاريع وقوانين لا تعوض خسرناها بسبب النزاع الطائفي المكين الذي غلب على اداء الكتل الرئيسة.
الناخب خطى الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح او اعادة تصحيح
مواقفه وتقييمها من خلال كل ما رصدناه وسمعناه وقرأنا من مساءلات ونقد ومآخذ على اداء المجلس.. ولاستكمال التصحيح لابد له من الاقتراب من البديل الوطني الذي يطرح برامجه وافكاره ومشاريعه ويقدم الآن مترشحيه في دوائر عديدة نحتاج لان نستمع لهم ونحاورهم بكل جدية ومسؤولية وطنية وتاريخية حتى نقرر نحن الناخبون بوعي حقيقي لمن تذهب اصواتنا وعلى أي اساس ذهبت واختارت.. فالولاءات السابقة «ونقولها بصراحة» هي التي ورطتنا مع مجلس طائفي التكوين وطائفي الاداء وطائفي الخطاب وبالتالي باتت لزاماً علينا ونحن ننتقد كل ذلك النزوع الطائفي ان نعيد تقيم ولاءاتنا الضيقة وتخرج الى فضاء الوطن.
فالبحرين ليست طائفتي او طائفتك ولكنها كل الطوائف، والبحرين ليست فريجي ولا فريجك ولكنها كل الفرجان، والبحرين ليست مدينتي وليست مدينتك، ولكنها كل مدن هذا الوطن، والبحرين ليست قريتي ولا قريتك ولكنها كل القرى هنا.. وبهذه النظرة فقط سنختار النائب الوطني الديمقراطي الذي يتجاوز كل تلك الولاءات الضيقة والسلبية والخطيرة والتي اعتمدناها للاسف في اختيار وانتخاب نوابنا السابقين فانعكست علينا سلبياتها الكبيرة قبل اي طرفٍ آخر وخسرنا بسببها الكثير وهو ما جعلنا ننتقدها ونؤاخذها.. فهل نخطو خطوة الابتعاد عنها حتى لا نكرر الخطأ.
الأيام 21 يونيو 2010