يقول الرئيس الـ 28 للولايات المتحدة الأميركية، ووردو ويلسون: «اذا كنت ترغب أن تخلق أعداء لك، حاول أن تغير شيئاً ما».
هذا أمر طبيعي، فالنفس البشرية تحب ما اعتادت عليه، وتقاوم أي رغبة في التغيير. هذا بالطبع ينطبق أيضاً على المجتمعات البشرية، فالناس تحب أن تفعل الأمور التي اعتادت عليها دائماً، حتى إنها في دول العالم الثالث، قد تضع أفكارها وعاداتها وتقاليدها في مرتبة المقدسات، والتي لا يجب أن تمس، وتحارب «بشراسة» أي محاولة في إعادة قراءة هذه المفاهيم من منظور آخر، ملخص حديثي حتى هذه النقطة أن التغيير في المجتمعات وأفكارها، ليس بعملية بسيطة، وأنه من المتوقع أن تواجه بحرب ضروس.
قد أكون من المحظوظين الأوائل، والذين استطاعوا مشاهدة الفيلم البحريني «حنين»، في مهرجان الخليج السينمائي في دبي قبل شهر، والذي يتناول موضوع الطائفية في قالب بحريني بأسلوب لا يمكن وصفه الا بالجريء جداَ، وكأي فيلم أخذ حقه من النقد إيجاباً وسلباً، وكان محور نقاشنا بعد العرض الأول بشأن ردة فعل الناس بعد عرضه، وكان رهاننا أن الاصوليين من الطرفين أول من سيحاربون الفيلم كونه يعري المتطرفين منهم.
وقبل أن يعرض في دور السينما بعدة أشهر بدأت الانتقادات المحمولة بهجمة شرسة كانت تفتقر الى الموضوعية في طريقة السرد وصوغ المحتوى والتي تم تحويرها لبناء صورة سلبية عن الفيلم لا غير بأسلوب بعيد جداً عن النقد البناء يهدف الى قتل هذه التجربة في المهد، والذي لا يسعى بكل تأكيد إلى تطوير تجربة السينما البحرينية الحديثة.
قد يكون طاقم عمل الفيلم على علم بمدى الهجمة الشرسة التي قد يواجهها الفيلم وأن هذه ليست سوى البداية وأنه من المتوقع ان تكون هناك محاولات أشرس وأعنف من هذه بكثير فهذه هي ضريبة التغيير، واني على أمل أن يستطيع الفيلم تحريك ولو الشيء القليل ما بداخل من يشاهده.
الحيادية والموضوعية كانتا سمة الفيلم البارزة، لم أشعر ولو للحظة ميل الفيلم إلى أي طرف أو جهة سواء من الجانب السني أو الشيعي أو اليساري أو الحكومي أو غيره، الكل يطرح نظرته للحياة بطريقته سواء كانت ضيقة أو بعيدة المدى، لقد شعرنا كمتفرجين بأننا جزء من هذا العمل وهذا بدوره يعتبر نجاحاً لما قدمه المخرج والكاتب والممثلون الذين أبدعوا في تقديم واقع حقيقي لمجتمعنا المحلي والخليجي بل الكثير من أبناء المنطقة شعروا وأحسوا بما شعرنا وأحسسنا به.
«حنين» لم ولن يكون فيلماً عادياً بل ما أثاره في الأوساط الفنية يشير إلى مدى تفوقه في طرح قضية شائكة لم تتطرق لها السينما الخليجية على رغم حداثتها وهذا أمر يحسب للقائمين على الفيلم، وأتوقع بأنه سيلقى إعجاباً كبيراً من الجماهير في البحرين وخارجها، وألف مبروك لطاقم العمل على هذا الفيلم الرائع الذي حرك أحاسيس كثيرين.
صحيفة الوسط
20 مايو 2010