في مبادرة تُحسب إليها أطلقت جمعية الشبيبة البحرينية حملة تحت شعار:« أنا موطائفي»، ابتدأتها مساء أمس الأربعاء بفعالية مشي في ممشى الاستقلال بمدينة عيسى، دعت إليها أعضاءها وأصدقاءها وممثلي الجمعيات الشبابية والجمعيات النسائية، وعضدتها بحملة على الفيس بوك، بهدف التركيز على الشعارات الوطنية، والتصدي للتحشيد الطائفي من أي طرف أو جهة أتى.
وجمعية الشبيبة البحرينية هي إحدى الهيئات الجديرة بالقيام بمثل هذه الحملة تحت هذا الشعار بالذات، فهي ونظيراتها من الهيئات والجمعيات التي لا تتشكل على أسس طائفية، وتستوعب صفوفها أعضاء وعضوات من مختلف الانتماءات، تملك القدرة على مخاطبة أذهان الشباب بمثل هذا الخطاب الوطني الجامع، لأن منطلقاتها غير الطائفية تجعلها تقدم النموذج للبحرين التي نريدها، والتي عرفها الجيل الأسبق، يوم كانت القضايا الوطنية والاجتماعية المشتركة هي الموحدة لأبناء الشعب، بعيداً عن التحزبات والتخندقات الطائفية.
وللأسف الشديد فان هذه التخندقات غدت سمة للوضع السياسي والاجتماعي في البحرين وفي عدد من الدول العربية الأخرى تحت تأثير التطورات الإقليمية التي أطلقت الغرائز المذهبية من عقالها، وغذتها بخطاب تحريضي لا يرى أبعد من «قضايا» الطائفة، بصرف النظر عمن تكون هذه الطائفة، وتعجز عن وضع هذه القضايا، التي تظل في المحصلة النهائية قضايا فرعية، في إطار أشمل يوحد هموم أبناء المجتمع في قضايا عامة تمس مصالحهم الحياتية المشتركة، وتطلعاتهم في بناء دول حديثة تؤمن الحقوق السياسية والدستورية لأبنائها.
أمر جميل أن جمعية شبابية مثل جمعية الشبيبة البحرينية تتكون من شبان وشابات في مقتبل العمر يقدمون النموذج الذي يجب أن يحتذى في المجتمع كله، في تبني مثل هذا الشعار، الذي سبقته، والحق يقال، مبادرات مشابهة من جهات أو أفراد، وجميل أيضاً أن تقرن جمعية الشبيبة حملتها هذه بنشاط في غاية التحضر، هو دعوة الشباب للمشي تحت هذا الشعار.
والمؤمل أن تكون هذه البداية الموفقة انطلاقة لحملة يجب أن تتواصل في أنشطة وفعاليات مشابهة في المستقبل، خاصة وأننا في عام الاستحقاق الانتخابي النيابي والبلدي، الذي عودتنا تجربة الانتخابات الماضية انه غالباً ما يشهد حالات من السعار الطائفي والمذهبي، بحيث ينشأ الفرز في الانتخابات لا على قاعدة البرامج السياسة والاجتماعية حول مستقبل البحرين التنموي والسياسي، وإنما على أساس تحريض «الفزعات» المذهبية والطائفية.
نعلم أن مبادرة جمعية الشبيبة على أهمية وأهمية الشعار الذي تتبناه ليست سوى خطوة أولى، وربما تكون في منتهى البساطة والرمزية، حتى لا نُحَمل الأمور أكثر مما تحتمل، ولكننا نراها مؤشراً على وعي قابل لأن يتزايد ويتسع، وأن يأخذ من أبناء وبنات الجيل الجديد فضاءً لتحركه، بالنظر لكون هذا الجيل هو مستقبل البحرين، وهو الجيل الذي نريد له ألا يصاب باللوثات الطائفية، وأن يلج الحياة بأذهان متفتحة مدربة على قبول الآخر والتعايش معه، ومسلحة بروح التسامح، وإدراك أن البحرين هي لجميع أبنائها القادرين على أن يشكلوا نموذجاً طيباً في عيش مشترك، لن يتحقق إلا بتحقق شروط المواطنة المتكافئة البعيدة عن كافة أشكال التفريق والاستثناء.