يشارك عمالنا اليوم عمال العمال الاحتفال بعيدهم السنوي المجيد في الأول من مايو.
منذ التحولات الإصلاحية في البلاد أصبح هذا اليوم عطلة رسمية، وهو مطلب قديم قدمت الطبقة العاملة البحرينية تضحيات جليلة في سبيل أن يكون واقعاً.
منذ الخمسينات والنواة العمالية المناضلة تحتفل بهذا اليوم سراً، في سنوات لاحقة اتسعت دائرة الاحتفالات وتحولت إلى مسيرات واعتصامات في الأول من مايو تطالب بإقراره عطلة رسمية.
كتلة الشعب البرلمانية في المجلس الوطني عام 1974 تقدمت باقتراح بإعلان الأول من مايو عطلة رسمية، ولم تكن الحكومة وحدها من وقف ضد الاقتراح، بل شاطرتها كتل برلمانية أخرى مصابة بالفوبيا من كل ما يمت للفكر التقدمي والإنساني بصلة، لكن عمال البحرين وقادتهم الشجعان أقاموا في تلك السنة احتفالاً مهيباً في نادي البحرين بالمحرق. ورغم التضييق على الحريات في السنوات اللاحقة ظلّ عمالنا يحييون المناسبة بصورٍ وأشكال مختلفة، بينها إصدار المنشورات وتبادل التهاني وتوزيع الحلويات.
ليس غير ذي مغزى أن عمال البحرين ومناضليها سيتذكرون اليوم وبكل إجلال واحداً من رواد النضال في سبيل النقابات وفي سبيل إحياء الأول من مايو، النقابي العنيد والشجاع جليل عمران الحوري الذي رحل وهو في قلب اعتصام الاحتجاج على تسريح المصرفيين منذ أسبوع واحد فقط. لم تمهله الأقدار لكي يشارك رفاقه مسيرة اليوم بجسده، لكنه بروحه المحلقة حواليهم سيكون حاضراً بقوة تضاهي حضوره كل سنة.
في العام الماضي، وفي الأعوام التي تلته، كان جليل عمران مع رفاقه من النقابيين المخضرمين في مقدمة صفوف المسيرة العمالية التي تجوب شوارع البحرين. كان مقدار سعادته الطفولية كبيراً لأن شيئاً مما ناضل في سبيله قد تحقق، لكن النضال ذاته لم يتوقف في سبيل صون الذي تحقق وفي سبيل المزيد من الحقوق.
في العام الماضي، وبهذه المناسبة كتبت عن خاطر خطر في ذهني بالمناسبة، وأنا أرى جليل عمران وعباس عواجي وجعفر الوداعي وأحمد سند البنكي وغيرهم الكثيرون من رفاقنا العمال يسيرون مبتهجين في مقدمة المسيرة العمالية بهذا اليوم.
لقد أفنى هؤلاء زهرات شبابهم في السجون وفي الملاحقة لأنهم كانوا يحلمون ويعملون في أن تنشأ في البلاد نقابات عمالية تدافع عن حقوق الشغيلة، وأن يكون الأول من مايو عطلة رسمية، تكريماً لأصحاب السواعد السمراء التي أخذت من شمس البحرين لونها. بوسع كل منا أن يتخيل مقدار البهجة في نفوس هؤلاء وسواهم من ذلك الرعيل، فبعض ما حلموا به قد تحقق، فها هي النقابات العمالية قد تشكلت، والأول من مايو أصبح عطلة رسمية، بعد أن كان التفوه بفكرة الاحتفال يقود إلى السجن.