تحتفل الطبقة العاملة في بلدان العالم كافة اليوم بعيد العمال العالمي ومن ضمنها طبقتنا العاملة البحرينية التي ظلت تحتفل بهذه المناسبة سرا عقودا طويلة، ولم يتسن لها الاحتفال بها علنا إلا غداة انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في أوائل العقد الحالي الموشك على الأفول، وذلك بعد أن تم إقرار المناسبة رسميا وتقرر جعل الأول من مايو من كل عام مناسبة رسمية للاحتفال بعيد العمال العالمي تعطل خلالها مختلف المؤسسات في القطاعين العام والخاص ليتحقق بذلك مكسب مهم لطالما ظل حلما يراود الطبقة العاملة وحركتها النقابية التي قدمت الغالي والنفيس من التضحيات الجسام من أجل أن تراه محققا على أرض الواقع.
ومع ان الحركة العمالية والنقابية لم تعد اليوم تتمتع بقوتها وتأثيرها أنفسهما اللذين كانت عليهما طوال عقود ما قبل تحقيق هذه المكتسبات التي نالتها في بدايات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، إلا أن تمتعها بهذه الحقوق بعد إقرارها، ومنها حق التنظيم النقابي العلني المشروع وحق الاحتفال بعيد العمال العالمي بشكل علني ومرخص.. كل ذلك ساهم موضوعيا في تعويض الحركة العمالية والنقابية عن جزء مما افتقدته من قوتها ونفوذها اللذين تميزت بهما خلال تلك العقود الخوالي من عصرها الذهبي وبخاصة في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث لم تكن الطبقة العاملة الوطنية حينئذ أقلية كما هي اليوم في ظل التدفق المتواصل للعمالة الأجنبية الرخيصة.
وبالرغم من أن الطبقة العاملة البحرينية مازالت بحاجة ملحة إلى تعزيز لحمة وحدتها النقابية، سواء على مستوى نقابات المنشأة الواحدة كالشركات الكبرى أم على مستوى اتحادها التنظيمي المركزي “الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين”، فإنها حققت العديد من المكتسبات والإنجازات المهمة طوال السنوات السبع أو الثماني الماضية التي ما كانت لتحققها لولا حصولها على حقوقها النقابية المشروعة، بما فيها حق التنظيم وحق الإضراب وحق التظاهر والاعتصام وحق التعبير عن نفسها في إعلام خاص بها.
وبالتالي فلنا أن نتخيل كم هي قوة ونفوذ الحركة العمالية والنقابية اليوم لو نالت كل تلك المكتسبات المتقدم ذكرها وهي لم تزل محتفظة بقوة عودها وشكيمتها أنفسهما! وإذا كانت الحريات والحقوق النقابية التي تمكنت الحركة النقابية من الحصول عليها غداة إعلان جلالة الملك مشروعه الإصلاحي قد ساهمت في تعويض الحركة العمالية جزءا مما افتقدته من قوة ونفوذ في عصرها الذهبي فلنا أن نتخيل كم سيكون هذا التعويض أعظم لو أنها متماسكة وموحدة بما فيه الكفاية سواء على المستوى النقابي للمنشأة أم على المستوى النقابي الاتحادي العام!
بل لنتخيل مدى قوتها لو لم يتسرب إلى اجسام بعض منظماتها النقابية واتحادها العام فيروسات من أشكال الفساد والشللية الحزبية السياسية المقيتة والمحسوبية، ناهيك عن الشلليات ذات المظهر الطائفي المؤسف.. وكلها مظاهر تحد من فرص تعظيم الاستثمار والاستفادة مما تحقق من مكتسبات خلال العقد الحالي على الأرض.
***
} تكريم وزارة العمل لعمالها
من المنتظر أن يقام اليوم جريا على عادة كل عام بمناسبة عيد العمال العالمي في أول مايو احتفال كبير برعاية جلالة الملك ينوب عنه في رعايته وزير العمل مجيد بن محسن العلوي وستلقى خلاله كلمات من قبل ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة الحكومة ممثلة بوزير العمل ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين ممثلة في عصام فخرو والسيد سلمان جعفر المحفوظ الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وإلى جانب ما سيلقى في الحفل من كلمات من المؤمل أن تكون قيمة وتلامس هموم العمال وترسم طريق الآفاق الواعدة لتحسين أوضاعهم فإن أهم فقرات الحفل ستكون بلا شك تكريم مجموعة جديدة من العمال المجدين المخلصين في عملهم ومن أجل قضاياهم النقابية والوطنية.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن ذلك الاحتفال العام الكبير بيوم العمال الذي يجرى خلاله تكريم مجموعة كبيرة من العمال المجدين لا يعني عدم الحاجة إلى إقامة احتفالات داخلية بالمناسبة نفسها في مختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص لتكريم عمالها. وللأسف مازالت أغلب الوزارات والمؤسسات والهيئات في القطاعين العام والخاص، وبضمنها مؤسساتنا الإعلامية والصحفية التي يغطي مندوبوها وقائع احتفالات وفعاليات هذا اليوم ، لا تقيم احتفالات داخلية.
ولعل البادرة التي أرستها وزارة العمل هذا العام بإقامة احتفال داخلي كبير لتكريم مجموعة من عمالها وموظفيها العاملين في الوزارة بهدايا رمزية الذي جرى برعاية وزيرها مجيد العلوي تستحق الإشادة والتقدير نأمل أن تقتدي بها في السنوات القادمة سائر الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة، فقد كان مشهدا جميلا تكريم أولئك البسطاء من العمال والعاملات المجدين الذين كانوا بمثابة جنود مجهولين ومما ساهم في نجاح الاحتفال وإضفاء البهجة والسرور على المحتفلين به من مكرمين ومدعوين حسن التنظيم والإعداد الجيد المسبق الذي تولته إدارة العلاقات العامة والدولية بقيادة مديرتها السيدة فوزية شهاب.
ولا يسعنا ختاما سوى أن نوجه أحر تهانينا وأطيب الأمنيات لطبقتنا العاملة البحرينية وكل عمال العالم بهذه المناسبة الميمونة.. وكل عام وأنتم بخير.
صحيفة اخبار الخليج
1 مايو 2010