حق العمل ليس مجرد نص قانوني تتضمنه القوانين والتشريعات بل ضمانات اقتصادية واجتماعية وقانونية يجب توافرها لدعم هذا الحق حتى يتيح للمواطنين القادرين على العمل اختيار المهنة او الوظيفة بما يتفق مع ميولهم وقدراتهم وتدريبهم وتعليمهم.
ومن هنا، فإذا ما اردنا الحديث عن معدلات البطالة في البحرين فان ما يجب التطرق اليه أولاً هو ان هذه المعدلات لا تعطي صورة واضحة ودقيقة عن ظاهرة البطالة خاصة اذا ما كانت الاحصاءات الرسمية لا تضع في حسبانها اولئك الذين فقدوا اي امل في الحصول على وظيفة ثابتة، وفقدوا كل رغبة في تسجيل اسمائهم في سوق العمل، ومع ذلك يمكننا القول وبموضوعية ان معدلات البطالة لحد ما انخفضت وان اختلفنا مع الاحصاءات الرسمية التي تفيد ان هذه المعدلات لا تتعدى 4 في المائة من قوة العمل في البلاد.
وزارة العمل تؤكد ان استقرار نسبة البطالة عند 37٪ في شهر مارس الماضي دلالة واضحة على استمرار وتمتع الاقتصاد البحريني بوضع مستقر، وتؤكد ايضاً ان عدد الشواغر الوظيفية المتوافرة لدى بنك الشواغر بالوزارة ارتفع من 12256 وظيفة شاغرة في فبراير الشهر الماضي الى 12515 وظيفة شاغرة في مارس 2010 الى بزيادة 259 وظيفة شاغرة، ولكن السؤال الملح هنا .. لماذا لا تستوعب هذه الشواغر العاطلين عن العمل؟
على اية حال، هناك الكثير من الاسباب التي لا تخرج عن سياسة التوظيف المتبعة ولا عن بعض اصحاب العمل الذين لا يعيرون اهتمامًا لا بالبطالة ولا تنظيم سوق العمل ولا نعفي من ذلك ايضاً بعض الباحثين عن العمل ولكن مهما كانت الاسباب التي تقف خلف هذه الظاهرة فلا يمكن ان نلوم وزارة العمل لوحدها، وانما ايضاً ديوان الخدمة المدنية، ومجلس النواب، واصحاب العمل، وبعبارة اخرى كل تلك الجهات معينة بظاهرة البطالة.
ومن المهم ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة ان نشير الى الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل الذين ارتفعت نسبتهم بشكل كبير، اذ تقدر لجنة “خريجون بلا عمل” اعدادهم اكثر من 5000 عاطل عن العمل اي اجمالي نسبة الخريجين العاطلين كما اشارت اليه اللجنة المذكورة 50 الى 60٪ من مجموع نسبة البطالة ككل. وهنا لماذا الاحصاءات الرسمية تصر على ان معدلات البطالة لا يتجاوز 4 في المئة؟
وطالما نحن نتحدث عن هذه اللجنة التي تسعى لحل مشكلة العاطلين الجامعيين في البحرين يتبادر الى الاذهان السؤال التالي: لماذا لا تتعاون الجهة المعنية بالتوظيف مع هذه اللجنة التي من بين مطالبها تأهيل وتطوير قدرات العاطلين الجامعيين من خلال برامج التأهيل التي تنظمها وزارة العمل لملاءمة مهاراتهم مع متطلبات سوق العمل، واضافة الى ذلك ايجاد جهة تنسيقية من اجل توجيه الطلاب لاختيار تخصصات مطلوبة في سوق العمل.
على العموم، لا نريد ان نقلل من حجم هذه الظاهرة، ولا نريد ايضاً ان نبالغ في مستواها ومعدلاتها الى حد التضخيم، ولكن ان يتلكأ صانعو القرار في علاج هذه الظاهر التي لا توجد اولوية اكثر منها فهذا بحد ذاته مشكلة عويصة.
قلنا مراراً وتكراراً لا يمكن لاحد ان يقلل من شأن الجهود التي تبذلها اطراف الانتاج لمعالجة هذه الظاهرة المرتفعة في اوساط الشباب حسب ما تشيد التقارير، ولكن ما ينبغي ان نعترف به هو ثمة خلل في تطبيق القوانين العمالية، وكذلك في سوق العمل، والاكثر من هذا او ذاك ان مجلسنا التشريعي لم يتفاعل بالشكل المطلوب من هذا الملف الذي يزداد تعقيداً في ظل الاحصاءات والبيانات والارقام الرسمية غير الدقيقة عن هذه الظاهرة، وباختصار في ظل معطيات لا تبين المستوى الفعلي والواقعي لمعدلات البطالة.
صحيفة الايام
24 ابريل 2010