التقرير الذي نشرته جريدة “الأيام” عن الفجوة الغذائية تحدث عن معاناة الكثير من الدول بما فيها البحرين من هذه الأزمة الآخذة في النمو والاتساع مما يشكل لتلك الدول هاجساً مقلقاً وتحدياً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
وعن البحرين أشار إلى انه بالرغم من أنها أولت اهتماماً كبيراً بهذه المشكلة واعتمدت العديد من الخطط والبرامج لتنمية القطاع الزراعي لسد النقص في فجوة الغذاء إلا أنها ما زالت تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الخارج، وهذا ما يعكسه ارتفاع الصادرات من مجموع السلع الغذائية، وكذلك ضعف الإنتاج المحلي الذي يوضحه ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي، وإحصائيا يشير التقرير إلى إن نسبة مساهمة قطاع الإنتاج الزراعي في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبحرين تراجع من 0.7٪ عام 2002 إلى 0.3٪ عام 2007.
ومن المحاور التي تحدث عنها مؤشرات الغذاء في البحرين في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والسلبيات التي تتركها الفجوة الغذائية على دول مجلس التعاون، والانجازات التي حققتها هذه الدول على مستوى السياسة الزراعية والمائية، وأخيرا الأسباب التي أدت الى هذه الأزمة، وهذه الفجوة.
وباختصار.. هذا ما تطرق إليه التقرير الذي يعد من التقارير المهمة في هذا الشأن.
في البدء يمكننا القول إن اخطر الصعوبات شأناً فيما يختص بأية أزمة تتمثل في الابتعاد عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الأزمات، ومن هنا فان الخاصية التي انفرد بها هذا التقرير انه سلط الضوء على أسباب المشكلة داخلية كانت ام خارجية، وبالتالي فالبحرين وكذلك دول مجلس التعاون مطالبة بالعمل الدؤوب للتقليل من آثار الفجوة الغذائية، وهذا يتطلب سلسلة من الإجراءات والتدابير لا تتمثل فقط في توحيد أنظمة وقوانين دول مجلس التعاون في مجال الزراعة والمياه والثروة السمكية، وإنما أيضا تتمثل في مواجهة المشكلة برؤية وسياسة زراعية واضحة اهم شروطها تنمية القطاع الزراعي والسمكي من خلال – كما جاء في التقرير – زيادة فعالية العمل الخليجي المشترك الذي يتطلب التمويل المالي، والاهتمام بالعمالة الوطنية، وزيادة الطاقة الإنتاجية للصناعات الغذائية لتلبية احتياجات السوق، والوقوف بحزم اتجاه الصيد البحري الجائر، وعمليات الدفان العشوائية، وتلوث البيئة، وإعادة النظر في سياسة الاحلال العمراني، والاستثمار العقاري على حساب القطاع الزراعي، والى آخره من هذه التدابير المطلوبة بين دول الخليج ومع ذلك لا ننفي او نتجاهل المؤثرات الخارجية التي تؤثر سلباً على تأمين الغذاء من بينها كما قال وزير شؤون البلديات والزراعة في مؤتمر “قمة الامن الغذائي” الذي انعقد في العاصمة الايطالية روما عام 2009 ارتفاع السلع الغذائية عالمياً، والكوارث الطبيعية، وظاهرة التغير المناخي، واستمرار التحديات المرتبطة بالتجارة العالمية، والضغوط الكبيرة على الموارد الطبيعية، والعجز المائي.
ورغم كل ذلك نقول: اذا كان الأمن الغذائي يُعرَّف بانه هو الإشباع بالإنتاج المحلي، وان يكون متطوراً كماً وكيفاً لسد الحاجات، او هو قدرة الدولة على إنتاج غذائها بصورة دائمة، فان الأهمية هنا تكمن في الإجابة على كل الأسئلة التي طرحها سليم مزهود المتخصص في الأمن الغذائي وخاصة في هذا الوقت الذي امتدت فيه آثار أزمة الغذاء الى نحو مليار من البشرية.
نعم .. اذا ما أردنا الحد من آثار هذه الأزمة الخطيرة على المستوى الخليجي والعربي فلابد لنا من إستراتيجية وطنية مشتركة فاعلة تولي جل اهتمامها بالاجابة على الأسئلة التالية .. لماذا الاختلال في التوازن بين السكان والإنتاج؟ لماذا ضعف الاهتمام بالزراعة؟ وهذا ما يوضحه فشل الخطط .. لماذا إعطاء الأولوية للقطاعات غير المنتجة؟ ولماذا ندعم الأسعار بدل دعم الإنتاج؟ تلك الأسئلة وغيرها هي مربط الفرس؛ لان اغلب مؤتمراتنا وقممنا العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تنعقد هنا وهناك تخرج بقرارات وتوصيات وإن كانت على درجة كبيرة من الأهمية إلا أنها وفي معظم الأحوال لا تفعل.
الأيام 17 ابريل 2010