الكل يعرف ان الجماعات المتشددة التي تريد للبحرين بلد التسامح والتعدد والانفتاح والحضارة الانغلاق لها حساباتها العقائدية السياسية الخاصة وبالتالي فاذا كانت هذه الجماعات تتظاهر بالبكاء على الديمقراطية فان اجندتها تقول لنا عكس ذلك، ولاشك ان موقف هذه الجماعات في «بيت الشعب» الداعي الى مصادرة الحريات الشخصية يمثل في الحقيقة فكر الوصاية الذي يدعو الى العودة للعبودية، والى الانغلاق، والى العصور الحجرية، في حين ان الخيارات التي تفرض نفسها في زمن الحداثة والانفتاح، والديمقراطية والحريات، والشفافية والمساواة في الحقوق، والتعددية، ودولة المؤسسات والقانون والى آخره من قيم الحداثة والعقلانية.
دعونا نتحدث بوضوح، ان سبب هذه المقدمة هو ان اغلب الاصوات في البرلمان تدفع بهذه البلاد الى الحدود الخطرة!! وازعم ان يافطات المنع والتحريم التي ترفعها تلك الجماعات داخل المجلس النيابي وخارجه تفسر لنا عما يريده فكر الوصاية للبحرين، وما هي الانزلاقات التي تنتظر هذه البلاد، وتفسر لنا ايضاً الازدواجية التي يمتاز بها هذا الفكر ولاسيما عندما يدعو الى الديمقراطية، في حين ان مصادرة الحريات الشخصية والمدنية تمثل آفاق هذا الفكر.
ببساطة ما الذي حققه نوابنا الافاضل بعد عشر سنوات من المسيرة الاصلاحية؟
سؤال كثيرا ما يتداول الآن في المجالس الخاصة والديوانيات وخاصة ان الفصل التشريعي الثاني قارب على الانتهاء.
كان بودنا ان يسمع نوابنا ردود الفعل التي نلخصها وننقلها بامانة من بينها هناك من يقول وبالفم المليان «براڤو» نوابنا كل شيء على ما يرام، اغلب الملفات العالقة انجزت بصورة قياسية غير متوقعة، فالاوضاع المعيشية اصبحت في احسن حال، والفساد انتهى امره وولى من غير رجعة، ومثل هذه النتيجة العجيبة جعلت من الاداء النيابي اصدق مثال على محاربة الفساد، وان هذا الفعل الجبار يستحق تدوينه في موسوعة «غنيتس»، ومن هنا نرفع القبعات تحية للجهد الكبير الذي جمع بين الالتزام بالرقابة وبين التشريع.. بالفعل كانت المسؤوليات كبيرة وكان التحدي اكبر وعلى هذا الاساس نقول «يعطيكم العافية» ومن بين ردود الفعل هذه تلك التي تقول مع نهاية هذا الفصل التشريعي نجد كل كتلة برلمانية تفكر في حملاتها الانتخابية القادمة وهذا حق مشروع، ومن هنا لماذا لا توظف هذه الدورة الاخيرة التي قال عنها احد النواب مضيعة للوقت للدعاية الانتخابية؟
ومن هنا نجد الحماس الشديد للقضية الفلسطينية اكثر من الفلسطينيين انفسهم، ونجد لجان التحقيق تتشكل في الوقت الضائع، ونجد ايضاً التصريحات النارية التي تهاجم بعض الوزراء الذين صنفوا في قائمة المقصرين. وهناك من قال كنا نتوقع ان تتضاعف الجهود للخروج بتشريعات اقتصادية تتناسب مع المرحلة الحالية التي تمر بها البحرين التي تتطلب عقليات تؤمن بان التنمية الاقتصادية والاجتماعية اهم الخيارات، و الشيء نفسه يمكن ان يقال عن الاستثمارات والسياحة التي تحتاج الى بيئة جذب مشجعة لا طاردة. هذا ما اكدت عليه القيادة السياسية في البلاد «بان الاقتصاد بحاجة دائماً الى الانفتاح، وان مملكة البحرين بلد منفتح على العالم بحضارته وثقافته المختلفة، وهذا الانفتاح لم يكن يوماً على حساب الهوية البحرينية وما تتميز به من خصوصية، بل كان دائماً معززاً ومسانداً للتطور الاقتصادي ولمتطلباته الاجتماعية والثقافية والمعيشية، كما ان المنطقة تشهد انفتاحاً غير مسبوق، وبدأت تفتح الابواب التي كانت مغلقة، وان البحرين جزء من هذه المنطقة وتراجعها خطوة عن الانفتاح في الوقت الذي يتقدم فيه الغير خطوات سيؤثر على موقعها الاقتصادي الريادي اقليمياً ودولياً وعلى قدرتها التنافسية.. ومع ذلك نقول صحيحا ان انجازات النواب كانت متواضعة، وان الاخفاقات تعود لاسباب لا يتحملونها لوحدهم، ولكن ان نسلب المواطن حريته ونعني الحرية المسؤولة، وان نزج بالبلاد في مستنقع الانغلاق والعزلة ما يعرض حاضر البحرين ومستقبلها لكثير من العقبات والتحديات فهذه مصيبة ما بعدها مصيبة.
صحيفة الايام
3 ابريل 2010