في15 مارس 2009 خرج للنور تقرير نيابي ليقدم – أخيرا- تفسيراً منطقياً لظهور طبقة من الأغنياء الجدد الذين تكاثروا، بشكل فاحش، في وقت قياسي مقابل سقوط أكثر من نصف شعب البحرين تحت خط الفقر.. تقريرٌ يُثبت ضياع 65 كم – عُشر مساحة البحرين- وتحولها لملكيات خاصة؛ ويقف بذهول أمام ضياع 100 كم إضافية لا توجد أدلة كافية بشأن ظروف خروجها من ملكية الدولة لملكية الأفراد.. تقرير يقول إن حفنةً لا يتجاوز عددها الـ150 شخصاً قد استحوذوا على مقدَّرات دولة تجاوز عدد سكانها المليون..
وسجل يا تاريخ..
أنه في 27 مارس 2009 اجتمعت الكتل النيابية وأمامها فرصة تاريخية – لن تتكرر- لتثبت في آخر 45 يوماً من ولايتها أن البرلمان الذي أُتخذ مادة للتهكم والسخرية قوة تغيير حقيقيةً قادرةً على إحداث فرق.. كان سلاح الكتل قوياً، والأدلة التي بين أيديها صلبة؛ ولكنهم كانوا محاربين من ورق.. تطايروا كالهباء المنثور وهربوا كالدجاج المذعور ما إن حصحص الحق.. وتخاذلوا عن استجواب وزير المالية بصفته ممثلاً عن الحكومة.. ونكثوا أمانتهم أمام الله وأمام الشعب.. الشعب الذي ألبسهم البشوت ومكنهم من السيارات الألمانية وجعلوهم يتفاوضون مع الوزراء الذين ما كانوا ليردوا السلام عليهم لولا أصوات هؤلاء الناخبين..
وتركوا حق الشعب ليضيع.. ولا نعرف ما هو ثمن بيع الوطن والأمانة..
وسجل يا تاريخ..
أنه في 28 مارس انكسر الأمل في مواجهة الحكومة بهدر أموال الدولة.. بعد أن تقاعست كتلة المستقبل؛ وتلكأت كتلة المنبر الإسلامي؛ وغرقت الأصالة في صراع داخلي بين مؤيد ومعارض. وتحجب المستقلون كالعذارى في خدرهم؛ ووجدت كتلة الوفاق نفسها وحيدة في الملعب.. فمات جنين الاستجواب في رحم البرلمان.. الذي أصبح شريكاً متواطئاً في الجريمة بصمته ومصادقته وتقاعسه عن إدانة ما ارتكب بحق هذا الشعب الموجوع الأعزل..
وسجل يا تاريخ..
أن بحار البحرين دفنت، بأموال الشعب، ثم سُلمت لأفراد ليبيعوها.. للشعب ! وأن جزر مخطط المدينة الشمالية تقلصت من 17 جزيرة لعشر فقط.. وأن الأرض التي صودرت لصالح مشروع نورانا وحده تساوي 3 مليارات دينار بما يفوق موازنة الدولة كلها لعام كامل.. وأن أرضاً بمليار ‘’ألف مليون كاملة’’، وأخرى بملياري دينار لم يعرف مصيرهما ولا من نهبها ولمن وكيف.. وسجل يا تاريخ أن عقار مدينة المحرق الإسكانية نُهب.. وأن أرضاً مساحتها مليونان و650 ألف متر مربع في شاطئ السنابس تبخرت.. كل هذا ونحن غافلون ومنشغلون بالتوافه وبالتقاذف الطائفي الغبي.. وبالمسرحيات المفتعلة.. عن خيرات بلادنا التي تنسلّ من بين أيدينا كالبحر الذي سُرق هو الآخر؛ ونحن في غفلة ساهون..!!
وسجل يا تاريخ..
أن الحكومة باعت أرض ‘’الرفاع فيوز’’ بـ55 فلساً للمتر المربع فيما تعيش البحرين شحا – حتى في القبور- وملكّت أرض حلبة البحرين للسيارات ومساحتها مليون متر مربع؛ بدينار يتيم.. وأن أرضاً مخصصة لمدارس قد أصبحت أملاكاً خاصة تباع وتشترى.. وأن شركة ألبا استأجرت عقاراً بـ14 دينارا لمدة 14 عاماً بواقع دينار سنوياً.. وان 94% من تصاريح دفان البحر والاستيلاء على المناطق المغمورة ذهبت كلها لمشاريع ‘’شخصية’’..
وسجل يا تاريخ..
أن ورقة التوت قد سقطت..
وأن شعبنا أضحوكة.. ولو لم يكن كذلك لما انتخب مهرجين ليمثلوه..
وسجل أننا عجزنا، في أهم معاركنا وأكثرها عدالة، من أن نوحد صفوفنا لاسترجاع ما يمكن إرجاعه، وحّق للأجيال القادمة أن تُحاسبنا على ما جريناه عليها من ذلّ وهوان..
وسجل يا تاريخ..
الوقت 30 مارس 2010