في الحراك السياسي السوداني الذي يشهد في أبريل/نيسان المقبل أول انتخابات تعددية منذ نحو 24 عاماً، ووسط الحملات الانتخابي التي ينافس فيها 12 مرشحاً للرئاسة (واحد موالاة- الرئيس عمر البشير، المطلوب للعدالة الدولية، و11 آخرين، جلهم معارضة، وبينهم امرأة) ظهرت حركة جديدة أطلق أصحابها عليها تسمية: “قرفنا”، ما تعني طفح الكيل، أو ضقنا ذرعا بـ”الرئيس”، وهذه الحركة ينشط نشطاؤها ويتعرضون لحملات اعتقال وتعذيب، وقتل وهم بدورهم يصدرون البلاغات حول إضرابهم، كما قال نشطاء سودانيون شبان منهم الاثنين (22 مارس/آذار الجاري) إن قوات الأمن تعتقلهم وتهدّد بمنعهم من حث الجمهور على اعطاء أصواتهم لحكومة جديدة مختلفة.
وتقول هذه الجماعة “قرفنا”، وهي شبيهة بحركة “كفاية” المصرية، إن منازل عدد من نشطاء الجماعة تعرضت للمداهمة وتم “ترويع” عائلاتهم وصودرت منشوراتهم، التي تحث الناس على عدم اعطاء اصواتهم للرئيس السوداني عمر حسن البشير، ووفق ما نقلت وكالة “رويترز” عن أحد النشطاء قوله يوم الاثنين الماضي، إن رجال الأمن “اعتقلوا ثلاثة من شباننا كانوا يتحدثون في سوق -في وقت سابق- من الشهر الجاري”، ومنذ ثلاثة أيام طعن شاب آخر من أعضاء الجماعة على أيدي جماعة من الرجال المجهولين كانوا يضايقون الشاب.
قرأنا بيان لهذه الحركة صادر من لجنة إضراب أطباء السودان في 18/3/2010، تحت عنوان: تداعيات اليوم الثالث من الإضراب – بيان رقم 1: لجنة إضراب أطباء السودان، قالت فيه بلهجة عسكرية: “إنها المعركة إذا….. لقد ضربت الشرطة طوقا أمنيا صباح اليوم على ميز الأطباء بالخرطوم بهدف حصار الأطباء ومنعهم من حقهم المشروع في التجمع ومناقشة قضاياهم، ولكن صمود الشرفاء أجبرهم على كسره لتتزايد حاليا أعداد الأطباء بالميز في كل لحظة تضامنا مع قضاياهم العادلة.. ومواصلة لمسلسل الاستهانة بالأطباء والاعتداء السافر عليهم وهم يؤدون واجبهم الإنساني استمرت بعض المستشفيات في منع الأطباء من العمل وهم يرتدون ديباجة الإضراب، إننا نحمل هذه الإدارات كامل المسؤولية ونعلن سحب كل الأطباء فيها من تغطية الطوارئ حتى تتراجع عن موقفها المخزي تجاه الأطباء والمرضى معا”.
يبدو من خلال ما تقدم أن هناك جزءا كبيرا من السودانيين وهم يخوضون أول انتخابات تعددية من 24 عاماً حالهم حال السمكة الكبيرة التي أخرجت من البحر وشرعت “تتلبط” وتتقافز، ولا تعرف أية قفزة ترجعها إلى البحر ثانية، كل ما تفهمه أن وضعها لا يطاق.. وإذا كان كذلك لماذا لا تتفق المعارضة التي تنشد التغيير على مرشح واحد، بدل 11 مرشحاً لخوض معركة انتخابات الرئاسة في مقابل البشير المطلوب للعدالة الدولية؟
صحيفة الوقت
26 مارس 2010