لعلَّ الأحداث المتتالية التي تمر بها بحريننا – سواء كانت تلك الأحداث الحقيقية أو المختلقة – قد أوضحت أن أية وسيلة إعلامية ليس لها قيمة إلا إذا اتسمت بالمصداقية. وما نراه في كثير من الأخبار التي نشرت عن السفير البريطاني جيمي بودن على مدى ثلاثة أسابيع، وثم التغطيات التي نشرت عن وزير الدولة «السابق» منصور بن رجب بعد توجيه تهمة رسمية له بغسل الأموال في الخارج والداخل، وربط الخبر بنشاطات للحرس الثوري الإيراني، أنها كانت «موجهة» لتحقيق هدف ليس له علاقة بحب الوطن، وليس له علاقة بحماية بلادنا من الأعداء وليس له علاقة بغاية نبيلة.
إن من المفترض في أخبار وسائل الإعلام أن تفصح عن حقيقة الحدث، ولكي يثق الجمهور بما يتم نشره أو بثه، فإن على الوسيلة الإعلامية أن تقدم تقريرا عن الأحداث بصورة كاملة، وبإنصاف، وبصراحة، وصدق، ومن خلال إثبات أن المعلومات عن الحدث سليمة ولها مصدر واضح وأنها نشرت بطرق أخلاقية ونظيفة. وهذا يعني أن «المصدر» لن يحتاج إلى إرسال الأخبار الملفقة إلى موقع الكتروني أو فضائية أو صحيفة خارج البحرين أو إرسال أشخاص الى بلد مجاور لنشر تصريحات مبهمة في صحفها، ومن ثم نشر الخبر في داخل البحرين وكأنه جاء من الخارج… وهذا العمل يعتبر «غسلا للأخبار» لا يختلف – من حيث المبدأ – عن «غسل الأموال». نعم، إن أي وسيلة إعلامية تسعى إلى إخفاء الحقيقة، أو تلفيق الأحداث و محاولة تضليل الجمهور بالطريقة التي نراها، فإنها «تغسل الأخبار»، وما تنتجه من محتوى إنما يسيء لها أولا، ويعود عليها بالضرر المباشر، ويقلب الطاولة عليها.
بعض الوسائل الإعلامية تتصرف وكأن الناس أغبياء لا يفهمون، وتعتقد أنه يمكنها أن «تغسل الأخبار» لكي تغطي على موضوعات لا تود الناس الاطلاع عليها، وهي تقوم بفبركة قضايا وربطها ببعضها البعض بطريقة كاريكاتيرية. هذا في الوقت الذي ينظر البحريني المخلص لبلده بعين الاستغراب كيف يتصرف البعض بالأخبار بطريقة غير حميدة تنتهي في كل مرة إلى عكس الغاية التي يسعى إليها.
نحمد الله أن لدينا بعض المسئولين ممن سعوا ويسعون دائما إلى ترشيد الأمور، ونحمد الله أن لدينا شعبا واعيا يعرف كيف يقرأ الخبر وما وراءه… وهذا الشعب عرفه العالم أجمع بأنه «لا يقف» مع من يسرق أموال الدولة أو يرتكب الجرائم، كائنا من كان… وهذا الشعب (بكل فئاته) هو الذي حافظ على استقلال البحرين من الأعداء. ولذا فإننا نتابع – ضمن الأحداث المتتالية – ما سيطرحه عدد غير قليل من النواب (في جلسة مجلس النواب اليوم) ممن يسعون إلى حماية الثروة العامة من خلال استعراض تقرير أملاك الدولة، وبذلك يثبتون أن أهل البحرين (من كل الفئات) من الذين حافظوا على استقلال البلاد هم أيضا الذين يحافظون على الثروات العامة.
الوسط 23 مارس 2010م