كلما تذكرنا كيف اقر النواب وباجماع لم يسبق قانون تقاعدهم قلنا والأمل يسكن قلوبنا عسى الفال» لقانون الصحافة والقوانين الاخرى والتي تعثرت ولا تزال كقانون التنظيمات السياسية والاحوال الشخصية الموحد والنقابات في القطاع الحكومي وغيرها من القوانين.
نعم، قلنا عندما صوت اصحاب السعادة على قانون تقاعدهم: اللهم ارزقهم دنيا واخرة، فهم مواطنون قبل ان يكونوا نوابا والمواطن الفقير اليوم كما تعرفون لا يدري الى من يلجأ أو «وين يصك براسه» كما يقول اهل البحرين الكرام لان تكاليف الحياة المعيشية المرتفعة والقروض وبطاقات الائتمان كالدوامة لا يحسن الخروج منها حتى لوضاعف جهده واشتغل «بارت تايم» فنصيبه من هذه الدنيا السكري وضغط الدم وامراض القولون العصبي والاكتئاب.
وقلنا ايضا هكذا حال الدنيا الكرسي البرلماني اذا دام اليوم لاصحاب السعادة ربما لا يدوم غداً وبالتالي لماذا يختلفون على قانون تقاعدهم اليس من حقهم كمواطنين ان يضمنوا بعد كل هذا العناء تقاعدا مجزيا يساعدهم على تحمل ظروف الحياة الصعبة.
وفي نفس الوقت طلبنا من رب العباد ان يسخرهم وبالاجماع كما فعلوا لقانون تقاعدهم ان يقروا قانون الصحافة وان ينظروا في حال الصحفيين الذين وبعقوبة الحبس ستتضاعف معاناتهم.. العقوبة التي تشكل تهديدا لحرية الرأي والتعبير خلاقا لما نص عليه الدستور الذي كفل هذه الحرية.
اذن فالمسألة يا سادة ان البحرين وفي هذه المرحلة بالذات هي في امس الحاجة لتطوير وتحديث القوانين والتشريعات بما يتناسب تطورها السياسي والاقتصادي والتنموي والاهم من ذلك ما احوجها الى العقول المنفتحة والممارسات الواعية التي تدرك اهمية تلك الحرية والحقوق المتساوية والمتكافئة اي تحتاج الى ممارسات ديمقراطية لا تخول احداً يفرض وصايته على الحريات العامة والشخصية وإلا ستظل هذه العقول وهذه الوصاية خطرا على تقدم البحرين وتطورها وعلى مستقبلها السياسي والاقتصادي. على العموم لانريد الدخول في عموميات وتعميمات لا أول لها ولا آخر ولكن كل ما نريد قوله هنا هو كفانا يا اصحاب السعادة ازدواجية والا ماذا نفسر وقوفكم كما تدعون مع حرية الصحافة وفي الوقت ذاته تطالبون بحبس الصحفي؟!
اصحاب السعادة تدركون تماما ان الصحافة في البحرين امالها وطموحاتها كثيرة وتدركون ايضا انها اصبحت اليوم من اهم الادوات الرقابية وان كانت مع الاسف تعاني من عدم انسياب المعلومات التي هي حبيسة ادراج النواب والمسؤولين في الدولة.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان: هل اصرار نوابنا على حبس الصحفي اساسه نقد الصحافة للاداء البرلماني؟ ربما.
صحيح ان صحافتنا تشكو من مرض يدعى الرقابة المفرطة وصحيح ايضا ان مقص الرقيب لا يرحم كما لو ان الصحفيين والكتاب لا يضعون في حسبانهم الرقابة الذاتية التي يؤكدون عليها باستمرار ولكن الصحيح هنا ان عقوبة الحبس ابلغ دليل على مخاوف النواب من حرية الرأي والتعبير وبالتالي لماذا الاستخفاف بحرية الصحافة؟ اليست هذه العقوبة تعديا على الحق الدستورى للصحفيين؟
ولماذا كل هذه الوصاية على الصحافة والصحفيين والكتاب؟
ما من شك ان الكتل البرلمانية المتشددة التي اعتادت ان تفرض وصايتها على المرأة وحرية الاعتقاد والثقافة والابداع عموما وتنصب نفسها حارسا على الاخلاق والفضيلة والنوايا ها هي الان ومن دون تردد تصادر حرية الصحفيين وتلاحقهم وتطاردهم يعقوبة الحبس وهذا في الوقع يذكرنا بمحاكم التفتيش في القرون الوسطى.
صحيفة الايام
20 مارس 2010