حرصت من باب الفهم بالشيء ليس إلا، أن أتابع الفضائيات العراقية لمعرفة خطوات التصويت في انتخابات 7 مارس /آذار التشريعية، فوجدت أن المسألة ‘جد بسيطة ومعقدة في آن’، بسيطة: لأنه ما على الناخب إلا أن يؤشر مرتين، مرة على رقم القائمة التي يفضلها بين القوائم، ومرة أخرى، على رقم مرشحه الأفضل، وإذا لم يرغب في كل الكتل والكيانات والأحزاب والشخصيات، ويتوجب عليه واجب المشاركة الوطنية، ما عليه إلا أن يضع علامة () كبيرة على الورقة الانتخابية، ولا يضع الورقة خالية حتى لا يستفيد أي كيان من ملئها بما يشاء؛ فيما إذا كان الناخب وضع علامة واحدة فقط على القائمة، فإن رئيس القائمة هو الذي يعطي صوته لمن يشاء، أما إذا وضع العلامة على رقم المرشح، ولم يضع على رقم القائمة، فإن صوته يعتبر لاغياً، أو هكذا فهمت.
ويبدو مما تقدم أن لكل مرشح صوتين: صوت للقائمة، وصوت لمرشحه المفضل، الذي يعتقد بأنه ‘النزيه، الشريف، العفيف، الشجاع، المقدام’ إلى آخره من الصفات الحميدة.
أما بالنسبة للتعقيدات في الاختيار السليم للمرشحين، فهي كثيرة ومتشعبة في الانتخابات العراقية، وباختزال شديد، أن هذه الانتخابات وإن كان، وفق ما يطرحه السياسيون، اعتمادها ‘القائمة المفتوحة’، لكنها تبدو، نصف مغلقة ونصف مفتوحة، أو ‘قائمة مغلقة بنهايات مفتوحة’، كما جاء في أحد العناوين التحليلية.
وكما هو معروف، أن مجلس النواب العراقي، وبعد جدل عراقي ـ عراقي، وتدخل المرجعية الدينية بـ’النصح’، وبعد مخاضات قاسية، تبنى مجلس النواب قانون انتخابي جديد مختلف عن قانون انتخابات 2005 (القائمة المغلقة)، فظاهر هذا القانون الجديد (القائمة المفتوحة) برّاق، لكن باطنه سيئ جداً، وربما أسوأ من قانون ,2005 فلو أن الناخب العراقي أعطى صوته، للمرشح فلان، وترتيبه الرقمي ,11 في قائمة تحمل رقم (363) مثلاً، وتعذر على هذا المرشح أن يجمع أصوات تؤهله للانتقال من مرشح إلى نائب، ففي هذه الحالة عند فرز الأصوات، فستقوم المفوضية العليا بمنح الأصوات التي حصل عليها المرشح، إلى قائمته، ثم يعاد ترتيب إعطاء هذه الأصوات إلى مرشحين آخرين من نفس القائمة، وهذا يعني أن الناخب قد أعطى صوته لمرشح لم يرشحه، وهنا يأتي دور الكتل الكبيرة، التي ستستفيد من ملايين الأصوات من الكتل الصغيرة، التي ستتبعثر أصواتها لأن أصحابها لم يحصلوا على الحد الأدنى من الأصوات التي تؤهلهم، وكأنك يا زيد ما غزيت.
فالقائمة المفتوحة ستصبح نصف مفتوحة لقائمة مغلقة بنهايات مفتوحة، كما جاء في تحليل الكاتب الصحافي مهند حبيب السماوي المنشور على موقع ‘صوت العراق’ في 1 مارس/ آذار الجاري.
صحيفة الايام
3 مارس 2010