هل بالفعل رحلت يا مجيد مرهون؟
قد لا أصدق.. لأني رأيتك عصياً على الموت، محباً للحياة!
رحلت أيها العاشق للحياة والناس، وبين عينيك قذى، وبين شفتيك ظمأ.
رحلت.. فبكتك النجوم الساهرة على سهرك، وبكتك الطيور قبل الخلق، لأنها عارفة بعشقك.
أيها الراحل، يعجز القلم أن يرثيك، لأنك أكبر من الرثاء، أكبر من الموت، وأكبر من الأبيض الذي رأيتك فيه وأنت على سرير المستشفى مغمض العينين، شفتاك تتحركان لكل زائر إليك، فتعجز أن تكلمهم، لأنك في واقع الأمر تصارع احتضارك.
كيف أرثيك أيها الفارس الموسيقي، يا من أدمع مقلتي رحيله؟
وكيف لي أن أكتب عن زمن أنت لست فيه؟
ماذا أقول للطيور التي اعتادت أن تبكر في صباحها وهي مفتونة بلحنك؟
ماذا أقول لمحبيك؟
في الزمن القاسي نكأت جرحك واحتضنت موهبتك، فعزفت بصمت أجمل ألحانك.
وكنت عنيداً بطبعك، مجادلاً من أجل الحقيقة، يسمعك كل من عرف ألحانك، وعرف سماواتك الماطرة حباً فوق تراب وطنك، لأنك موقن أن الفن لا يموت.
أعقاب سجائرك مازالت عالقة بجدار حجرتك، ومازالت أوراقك بما تحويه من ألحان تذرف دموعها على رحيلك، مازلت هنا تعزف للوطن وللناس عشقك المفتون بحب الأرض.
رحلت يا مجيد قبل أن ترى بعض موسيقاك حياتها من الحلم الذي كثيراً ما حدثتني عنه!
هل سينصفك الأحياء ويشرعون بتجميع نتاجك للنشر وعزف مقطوعاتك وتوثيقها في ذاكرة الوطن.
هذه مسؤولية وزارة الإعلام والثقافة التي أتمنى أن تلتفت وتجمع كل نتاجك وكل جهد السنين الذي ظللت فيها مواظباً على عزف ألحانك وعلى تأليفك للعديد من المقطوعات الموسيقية.
وأعتقد أن الوطن لا ينسى أبناءه
الوطن 27 فبراير 2010