اعتباراً من اليوم الجمعة، سيكون الباقي 9 أيام فقط على سباق الانتخابات التشريعية في العراق، فمن الصعب التكهن بنتائجها، وسط صراع محموم بين الكتل الكبيرة، أو تلك الكتل المهمشة رغم تجذرها في أعمق أعماق أرض الرافدين، فمزاج الناس هناك يبدو قد تغيّر إلى الأحسن بعد أربع سنوات من عمر المجلس النيابي المبني على المحاصصة الطائفية التي أصبحت وبالاً على العراقيين، فالائتلاف العراقي الموحد، تجزأ في المجزأ واختلفت موازين قواه، بظهور تحالف دولة القانون، وجبهة التوافق هي الأخرى، تفتت عراها، وباتت أكثر من جزء، والتحالف الكردستاني يزاحمه الآن تكتل “البديل”، الذي ينشد التغيير، فـ”الشيعة والسنة، والمسيحيين والصابئة المندائيين” انقسموا على أنفسهم بتقديم الخطاب الوطني على المذهبي والطائفي، واليسار العراقي لملم شمله في كتلة “اتحاد الشعب”، حيث يطلق عليهم العراقيون: “كتلة الأيادي البيضاء والعقول النيرة”، وهذه الكتلة التي قبلت التحدي بدخول الانتخابات، لا تملك مالاً ولا جاهاً، غير تجربة منتسبيها وتضحياتهم طيلة أكثر من 7 عقود نضال “من أجل وطن حر وشعب سعيد” كشعار مركزي، دفعوا ولا زالوا يدفعون أثمانا باهظة لتحقيقه، وهناك أيضاً تكتل “الأحرار”، بقيادة رجل الدين الشاب العلماني إياد جمال الدين، وكذلك اصطفافات أخرى، ربما تعيد نفسها، ونفسها الطائفي والقومي، أو ربما تعلمت من الدروس للسنوات السبع منذ الإطاحة بنظام صدام حسين.
في 7 مارس آذار، وخلال تلك السنوات العجاف، قد طرأت أشياء كثيرة على العراقيين الذين آن لهم أن يستريحوا، ويعيشوا بشكل طبيعي وإنقاذ العملية السياسية، بعيداً عن قوى الإجرام المنظم والإرهاب، باختيار من القوى السياسية والبشرية التي يملكون، ففي هذه الانتخابات طفرة نوعية مهيأة لاختيار الأفضل والأحسن للممثلي هذا الشعب الجريح، فالمراجع الدينية في العراق، التي لعبت دوراً رئيسياً في وصول نواب لا علاقة لهم بعمليات البناء وإعادة الإعمار في الانتخابات السابقة، قد تخلت عن دورها في الانتخابات المقبلة والتزمت الحياد بامتناعها من إعطاء توجيهات للتصويت تجنباً لـ”المفاضلة بين رئيس الوزراء وحلفائه السابقين الذين أصبحوا خصوماً”..
يبلغ عدد الناخبين العراقيين 19 مليونا و800 ألف ناخب مدعوين للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي ستجري في السابع من آذار/مارس المقبل، ويتنافس فيها 6236 مرشحا على 325 مقعداً في البرلمان المقبل، لكن السؤال: إلى من سيصوّت هؤلاء، هل للذين انتخبوهم في السابق ولم ينجحوا، أم أن العراق مقبل على مهرجان دماء جديدة تنقذ ما يمكن إنقاذه ؟.. فلننتظر لنرى.
صحيفة الوقت
26 فبراير 2010