منذ نحو أسبوع وأكثر ونحن نبذل جهوداً مع المسؤولين في مستشفى السلمانية لنقل الفنان الموسيقي الكبير مجيد مرهون الذي ينام في المستشفى المذكور إلى غرفة خاصة، دون أن تسفر هذه الجهود عما نرجوه حتى لحظة كتابة هذه السطور.
مجيد مرهون كان قد أدخل المستشفى اثر إصابته البليغة بكسرٍ في الحوض نتيجة وقوعه، وقد أجريت له عملية جراحية لمعالجة ذلك الكسر، ولكن نظراً لما يعانيه من متاعب سابقة في القلب فقد نجم عن ذلك بعض التداعيات التي أبقته أياماً في قسم العناية القصوى بالمستشفى، أخرج بعدها إلى الجناح العمومي رقم 43 في المستشفى، بدل أن ينقل إلى غرفة خاصة لتوفير ما يحتاجه من عناية ضرورية بالنظر إلى وضعه الصحي الحرج.
وبناء على اتصال مشكور من وزيرة الثقافة والاعلام الشيخة مي الخليفة بوزير الصحة الدكتور فيصل بن يعقوب الحمر، فقد أعطى الوزير الموضوع جل اهتمامه وقام بالاتصالات السريعة من أجل ايلاء عناية أكبر بالفنان مجيد، ولكنه مازال باقياً في الجناح العمومي المذكور.
ونود، من خلال هذه الزاوية، أن نتوجه لمعالي الوزير بأن يطلب من المسؤولين في المستشفى ليبادروا وبسرعة من أجل نقل مجيد إلى غرفة خاصة، وأن تُولي الوزارة للرجل أقصى عناية يحتاجها في ظرفه الصحي الحرج.
مجيد مرهون هو أحد الوجوه المضيئة في هذا الوطن، الذي طافت أعماله الموسيقية العالم حاملة توقيع البحرين، هو الذي كابد في حياته من المحن والمعاناة ما يستحيل وصفه، حين قضى سنوات حكمه الطويل بالسجن المؤبد ضريبة نضاله ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه، لكن مجيد مرهون، إضافة إلى ذلك، هو موهبة فذة من مبدعي البحرين تألق في التأليف الموسيقي، حيث علّم نفسه بنفسه في سنوات سجنه الطويلة، وكتب المقطوعات الموسيقية التي قدمتها فرق مرموقة من مختلف بلدان العالم، وانكب على وضع قاموس موسيقي فريد من نوعه في المكتبة العربية يقع في عدة مجلدات صدر منها مجلد واحد حتى الآن عن مركز الشيخ ابراهيم الخليفة، ومن المتوقع أن تصدر بقية المجلدات تباعاً.
ولمجيد مرهون حق على هذا الوطن أن يوفي له ولو أقل القليل منه بالاهتمام برعايته الصحية، بعد أن ساءت صحته، فالأوطان تُعرف بمبدعيها ورموزها الثقافية والفنية التي ستخلدها ابداعاتها وأعمالها التي هي ثروة للوطن كله، وعلى هذا الوطن أن يعتز ويفخر بها ويتباهى أمام العالم بأن قامة إبداعية كبيرة مثل مجيد مرهون تنتمي إليه.
سبق أن كتبت في هذا المكان منذ عامين أو أكثر سلسلة من المقالات بعنوان: “مجيد مرهون: فلذة من تاريخنا”، استعرضت فيها وبإسهاب مراحل حياة مجيد النضالية والفنية، وركزت فيها على البعد الإنساني لهذه الشخصية المتميزة في تاريخنا الوطني والإبداعي، وأعود اليوم للقول أن الوطن مطالب بالوفاء لهذه الفلذة من تاريخه ووجدانه وهويته الوطنية والإبداعية، ومن ذلك أن تجد هذه الكلمة صداها الفوري لدى المسؤولين في وزارة الصحة.
صحيفة الايام
1 فبراير 2010