وافق البنك الآسيوي للتنمية على منح الفلبين قرضاً بقيمة 120 مليون دولار لتمويل إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الفحم بطاقة تبلغ 200 ميغاوات في مدينة ناغا بجزيرة سيبو. وبخـلاف إعطـاء قروضـه للحكومات كما هي العادة، فإن قرض البنك الآسيوي في هذه الحالة سيمنح للقطاع الخاص، وتحديداً وبصورة مباشـرة إلى شركة Kepco SPC Power Corp وهـي شركة مشتركة بين Korea Electric Power Corp الكـورية وشركة SPC Power Corp. of the Philippine. وهي خطوة قُصد بها تجاوز الفساد الحكومي وتحقيق أقصى درجة من كفاءة استخدام الموارد. ومن المهم هنا تفحص بيان البنك الذي أصدره لمناسبة منحه هذا القرض. يقول البنك في بيانه إن هذا المشروع الحيوي يهدف لدعم اقتصاد إقليم فيساياس في الفلبين الواعد ولكن الذي يفتقر للاستثمارات. والإقليم لا يجتذب المستثمرين لغياب إمدادات الطاقة. ولذا فإن توفير إمدادات الطاقة سينعش الاقتصاد المحلي وسيخلق وظائف جديدة في قطاعات الصناعة والسياقة والقطاعات الأخرى، ما سيحسن المداخيل الأسرية في الإقليم، وسيمكن المستشفيات والمدارس وكافة مرافق الخدمات العامة هناك من العمل بكامل طاقتها. وفيما يتعلق بمصدر الطاقة الذي سيُشغِّل توربينات الطاقة الكهربائية، أوضح البيان أن الفحم هو المصدر المناسب والذي وقع عليه الاختيار لتشغيل المحطة لأنه يوفر طاقة بكلفة منخفضة وفي ظروف زمني مناسب، حيث ستكون المرحلة الأولى من المشروع والتي ستنتج 100 ميغاوات جاهزة بحلول عام 2011 والثانية في شهر مايو من نفس العام. الآن بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، ومن بعد، خطتها التنفيذية المتمثلة في بروتوكول كيوتو، فإن الفلبين، شأنها شأن كافة الدول النامية، غير ملزمة بنسب محددة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة لديها وفي فترة زمنية محددة، كما هو الحال بالنسبة للدول المتقدمة الملزمة بذلك. ذلك أن الفلبين، شأنها شأن غالبية الدول النامية، لا تسهم إلا قليلاً في إجمالي حجم الانبعاثات العالمية بينما هي تقع ضمن أكثر الدول الـ12 المرشحة للأضرار الجسيمة لتغير المناخ. حيث لا تبلغ حصة الفرد الفلبيني من الانبعاثات سوى 6,1 طن مقابل المتوسط العالمي البالغ 6 طن، والذي كان أحد أهداف مفاوضات السنتين الأخيرتين لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، خفضه إلى 3 طن للفرد ولكن من دون آلية تنفيذ. ولذلك من غير الإنصاف مطالبة الفلبين وبقية الدول النامية (من قبل الدول الأوروبية خاصة) بأخذ التزامات بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة والابتعاد عن مصادر الطاقة الإحفورية (الفحم في حالتها والنفط والغاز بالنسبة للدول النامية المصدرة للبترول) والاستعاضة عنها بمصادر الطاقة المتجددة. هل هذا يعني أن الدول النامية ومنها الفلبين لن تهتم في هذه الحالة (حالة عدم الالتزام) بتطوير توسعها في مجال الطاقة المتجددة؟ كلا بطبيعة الحال. فقبل أيام فقط (24 ديسمبر 2009) أعلن المتحدث الرئاسي في الفلبين الذي يشغل أيضاً منصب نائب المدير العام لمصلحة التنمية الاقتصادية رونالدو تونغبالان، أن الحكومة الفلبينية تعكف على وضع خطة جديدة متوسطة المدى (6 سنوات) خاصة باستراتيجيات ‘النمو الأخضر’. على صعيد متصل جاء قبل أيام أيضاً في دراسة للبنك البريطاني HSBC الذي أطلق في عام 2007 أول مؤشر للتغير المناخي (Climate Change Index)، أن دول آسيا الباسيفيكي تخطت الولايات المتحدة في إنتاج السلع والخدمات المساعدة على خفض آثار التغير المناخي بنحو 33٪، وذلك بتوجه حكوماتها أكثر فأكثر نحو الاستثمار المباشر في الطاقات النظيفة. وهذا ينطبق علينا أيضاً كدول بترولية حاولت الدول الأوروبية في مؤتمر كوبنهاجن للتغير المناخي الأخير (7-18 ديسمبر 2009) وقبله، أن تؤلب الرأي العام ضدها (وضد الصين أيضاً).
صحيفة الوطن
31 يناير 2010