يحكى، والعهدة على الراوي، أن زوجة مسؤول عراقي كبير، دخلت إلى مطار باريس بـ”شنطة” محملة بـ”خمسة ملايين دولار!!”، وحين أوقفتها الجمارك الفرنسية، وسألتها عن المبلغ فردت ببرود أعصاب: الشنطة هذه لا تخصني!!، وفي اليوم التالي نشرت الصحف الفرنسية تعليقات مفادها: أن الحكومة الفرنسية حصلت على 5 ملايين دولار هدية من (…..).
العراق على أبواب انتخابات، وصراع انتخابي يجري بأشكال عدة، منها العنيف بتفجير المفخخات، ومنها توتير الأجواء السياسية المتصاعدة، إلى جانب جدل”الاجتثاث لكيانات انتخابية”، وذلك قبل بدء حملاته المفترضة في السابع من فبراير/شباط المقبل، وهذه التطورات لدوامة الصراعات، بالتأكيد لا تبعث الطمأنينة للعراقيين، حتى يأتي يوم الاستحقاق الانتخابي في السابع من مارس/آذار المقبل.
حكاية زوجة المسؤول، لو نقلها عراقي منافس لكتلة ما، ضد كتلة “المسؤول” العراقي، لفسرها المفسرون بـ”أنها دعاية انتخابية ليس إلا”، لكن الذي رواها لنا حقوقي مرموق عربي غير عراقي، وليس له مصلحة إن فازت كتلة الحكيم أو المالكي، صالح المطلق “المجتث” أو حميد موسى “ذو اليد النظيفة”، لذلك فهي أقرب إلى التصديق منها إلى التكذيب، خاصة وأن مؤشرات الشفافية الدولية وضعت العراق في العتبات الأخيرة بعد أفغانستان والصومال والسودان، في مستوى تفشي الفساد في دولة تعتبر من أغنى دول العالم، لكن شعبها من أفقر الناس، وهي مفارقة عجيبة غريبة لا تدخل العقل وصعب تفهمها، ولا أحد يسأل لماذا؟.
اليساريون العراقيون، والعديد من القوى والشخصيات الديمقراطية، يرون أن هذه الانتخابات “ستجرى وفق قانون الانتخاب المعدل المجافي للديمقراطية، والذي يخدم تكريس احتكار عدد قليل من الكتل السياسية للتمثيل في البرلمان، واستبعاد التعدد والتنوع منه” بحسب النائب التقدمي مفيد الجزائري، الذي أكد: “ومع ذلك قررنا قبول التحدي وخوض الانتخابات سوية في إطار قائمة “اتحاد الشعب” وبعزم وإرادة قويين، رغم الظروف المذكورة غير المواتية”.
يبدو مما جاء أعلاه، أن المخلصين لتأسيس عراق ديمقراطي تعددي، وإن اختلفوا مع النظام الانتخابي المعدل، لا يلجأوا إلى إثارة المتاعب بتنفيذ تفجيرات قتل الأبرياء لتقويض العملية السياسية، بل لتصويب العملية الديمقراطية بالحوار الحضاري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالفساد وجماعات الإجرام المنظم وراء كل المصائب في العراق.
صحيفة الوقت
29 يناير 2010