المنشور

الذكري العاشرة وآفاق المشروع الإصلاحي


سنوات عشر مضت على تولي جلالة الملك مقاليد الحكم في البلاد .. لقد تميزت .. هذه السنوات بالمنجزات الإصلاحية التي دفعت البحرين إلى الأمام، إذ حققت تقدماً سياسياً واقتصادياً ملحوظاً أكثر توازناً من ذي قبل، أي حققت قفزات نوعية لم تكن موجودة قبل المشروع الإصلاحي الذي تزعمه عاهل البلاد. وبالتالي، الحفاظ على هذه المنجزات والعمل على تراكمها وسد الثغرات مسؤولية يتحملها الجميع؛ لان الوطن للجميع لا للتكتلات العشائرية والقبيلة والطائفية التي يحاول أعداء الوحدة الوطنية تكريسها بإثارة النعرات الطائفية، والاقتسام الطائفي بين أبناء البحرين، الذين عاهدوا الوطن بالولاء له وبالدفاع عنه.

وعندما نتكلم عن الوحدة الوطنية نتكلم عن الشراكة المجتمعية والوئام، الذي أكد عليه جلالة الملك في حديثه عن البرنامج الوطني في هذه المرحلة بقوله : إننا حريصون كل الحرص على تعزيز وترسيخ حالة الوئام السائدة في مجتمعنا بين مختلف المنابت والأصول، ان مجتمع الوئام هو مجتمع الوحدة الوطنية قبل كل شيء، ولن نستطيع المضي في طريقنا وتحقيق أهداف المواطنين المرجوة في الرخاء والازدهار إلا من خلال الاستقرار الذي يجلبه الوئام الاجتماعي .. وفي هذا الصدد نقول، إن الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي أهم الركائز الأساسية لتعميق الوئام الاجتماعي وتجذره في المجتمع، وبالتالي حماية وصيانة المكتسبات والانتماء للوطن ضرورة وطنية وواجب وطني نحو تقدم البحرين التي لا خيار أمامها سوى الاستقرار والتقدم، وهذا يتطلب دفع العملية الإصلاحية الى الأمام في ظل حقوق الموطنة المتكافئة، وإرساء دعائم الثقة، ونبذ ثقافة العنف، وتحسين مستويات المعيشة، وحماية حقوق الإنسان وصيانتها من المخاطر، وكذلك يتطلب كما أشار إليه جلالة الملك التجديد والتطوير؛ لان العملية السياسية كما عبّر عنها “سائرة في طريقها ومتطورة بطبيعة الحال طبقاً للدستور ولأداء المؤسسات المسؤولة، وهي لا تقف ولا نريد لها ان تجمد في موضعها على موقعها المتقدم الذي وصلت اليه، فمن سنة الحياة التجديد والتطوير ولكن المحك ان تتحقق الانجازات المرجوة طبقاً لطبيعة كل مرحلة”.
 ودلالة هذا القول ان التجديد والتطوير من المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها العملية السياسية، ومن هنا من الأهمية بمكان التأكيد على تكريس الشفافية على جميع المستويات، وتفعيل دور الرقابة مالية كانت أم إدارية، ولا يمكن ان تعزز العملية السياسية والمشروع الإصلاحي عامة إلا بالتطوير والتجديد والتحديث وممارسة العملية النقدية والوقوف عند مظاهر الخلل والنقص والأخطاء ونشر الثقافة الوطنية والوعي الحقوقي والديمقراطي وثقافة القانون القائمة على احترام سيادة القانون الذي اكد عليه جلالته بان الالتزام به وبمقتضياته من ابرز سمات المجتمع المتحضر. ولا يمكن تطوير الأداء على صعيد الهيئات والمؤسسات التنفيذية الا بتطوير أجهزة الرقابة وتفعيل دورها، وهذا ما تضمنه خطاب جلالته ولا سيما عندما تحدث عن تفعيل الرقابة الإدارية أسوة بالرقابة المالية؛ لان كلما كانت هذه الرقابة فعّالة كلما اقتربنا من تحقيق أهدافنا واستراتيجياتنا بإنتاجية عالية وفعالية وكفاية، وهذا هو جوهر الإصلاح الإداري الذي يدفع باتجاه تحسين طرق وأساليب العمل وتبسيط الإجراءات والقضاء على الروتين، واعتماد مبدأ الكفاءة، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

ولا ريب ان الالتزام بتفعيل الرقابة الإدارية وكذلك المالية يعد بوابة للإصلاح فضلاً عن تطوير وتحديث القوانين والارتقاء بالأداء البرلماني والعملية السياسية على وجه الخصوص.

على العموم .. يخطئ من يعتقد ان البحرين لم تشهد منجزات سياسية حديثة وتحولات على مسار الانفتاح السياسي والحريات وحقوق الإنسان، الا ان هذه المنجزات وهذه التحولات لا يمكن ان تتطور الا بالمزيد منها والرقي بها نحو إصلاحات سياسية أكثر عمقاً؛ لان الإصلاحات والمؤسسات السياسية كما يقول جلالة الملك : لا تُطلب على أهميتها البالغة في المسيرة الديمقراطية لذاتها وإنما لتحقيق غايات أبعد منها.


 
الأيام 26 ديسمبر 2009