كنا خلال الأسابيع القليلة الماضية شهوداً على حملة انتخابية حامية الوطيس خاضها المتنافسون على عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين. ولا يمكن المرور أمام السخونة التي رافقت التنافس الانتخابي في الغرفة مرور الكرام، حيث نظر إليه الكثيرون على انه نقطة تحول في اهتمامات ما بات يعرف اليوم بـ «بيت التجار» في اتجاه أن يكون له موقف إزاء خيارات التنمية للبرامج المطروحة في هذا السياق من قبل أكثر من جهة من جهات الدولة. لكن رغم ذلك نقول إن قطاع رجال الأعمال في البحرين، ممثلاً بدرجة أساسية في غرفة التجارة والصناعة، مازال يُقدم رجلاً ويؤخر أخرى فيما يتصل بانخراطه في الشأن السياسي العام. إن الحذر والتردد هو الطابع الغالب على سلوك هذا القطاع الذي لا نعرف بالضبط ماذا يريد سياسياً واقتصادياً. وللتدقيق نقول إن أرباب هذا القطاع ربما يعرفون ماذا يريدون، لكن المجتمع لا يعرف هذا الذي يريدونه، لأنهم حتى الآن لم يتقدموا برؤية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية – اجتماعية – سياسية. وما زال هذا القطاع محكوماً بالذهنية الحذرة، لكي لا أقول الخائفة، التي وسمت أداءه العام قبل الإصلاحات السياسية، حين كان ممثلو هذا القطاع يخشون رد الفعل الرسمي من مطالباتهم أو مواقفهم، وبذا فإنهم لم يفعلوا ما فعلته قطاعات شعبية أخرى في المطالبة بما تحسبه حقوقاً لها، لأنه لم يكن لديها ما تخسره، فيما كانت حسابات رجال الأعمال مختلفة بالنظر لخشيتهم على مصالحهم من الضرر. في البلد اليوم آلية حراك سياسي – اجتماعي نشطة، وها نحن قاب قوسين أو أدنى من الاستحقاق الانتخابي النيابي في العام القادم الذي نريد أن نعرف كيف سيتعاطى قطاع رجال الأعمال والتجار معه: هل يفكر هذا القطاع بالدفع بممثليه مباشرة إلى أتون هذا الاستحقاق مع ما يتطلبه ذلك من تقديم برنامج انتخابي بمفردات واضحة على الأصعدة الاقتصادية – الاجتماعية كالموقف من برامج إصلاح سوق العمل مثلاً وكالموقف من أجندة التيارات الإسلامية من تفاصيل الأداء السياحي في البلد، وكالموقف من الحركات المطلبية للنقابات والحركة العمالية ومن الاحتجاجات السلمية والتظاهرات والاعتصامات وسواها؟ وقبل هذا كله: ما هي رؤية القطاع الخاص لدوره السياسي في العلاقة مع الدولة والمجتمع؟ ما هي تفاصيل هذه الرؤية على صعيد المطالبة بتقاسم الثروة والسلطة بين الدولة والمجتمع؟ خاصة وإن مثل هذه المطالبة إذا أتت من قطاع نوعي صاحب تأثير مثل قطاع رجال الأعمال سيكون لها وقع وتأثير مختلف. وليست واضحة كذلك علاقة هذا القطاع مع مكونات التيارات السياسية في البلد، خاصة منها تلك التي تلتقي معه في الرؤية الاجتماعية وفي الحريات الشخصية وفي التعاطي مع الطابع المنفتح المتسامح للمجتمع البحريني، وهو طابع يتعرض لمخاطر تقويضه أو الحد منه من قبل بعض التيارات المحافظة التي بحجة تقليم الأظافر يمكن أن تقطع الأصابع. لقطاع رجال الأعمال دور لا يمكن لأية قوة سياسية أو اجتماعية أخرى أن تؤديه بالنيابة عنه، لأن للقوى الأخرى قاعدة تمثيلها المختلفة اجتماعياً وسياسياً وتقاليدها الخاصة بها، وبرامجها المعبرة عن طموحات ومطالب وآمال قطاعات جماهيرية أخرى، ونحن بانتظار هذا الدور.
صحيفة الايام
10 ديسمبر 2009