حين التصدي لموضوع المرأة والعمل السياسي في البحرين، علينا ملاحظة التطورات الايجابية التي تحققت خلال الأعوام السابقة، مما يفتح آفاقا أرحب لتمكين المرأة وإشراكها في أوجه الحياة العامة، ومن ضمنها بطبيعة الحال المجال السياسي. فقد وفر مناخ الانفراج السياسي الذي تحقق في البلاد بعد المشروع الإصلاحي فضاءات أوسع لمشاركة المرأة في العمل السياسي وجدنا تجلياتها في عدد من الأنشطة وفي تأسيس جمعيات نسائية جديدة، وفي نجاح الجهود الكبيرة التي بذلت من أجل تأسيس الاتحاد النسائي العام الذي يؤطر نشاط الهيئات والجمعيات النسائية المختلفة في البلاد، وبالطبع في تأسيس المجلس الأعلى للمرأة برئاسة قرينة جلالة الملك الأميرة سبيكة بنت ابراهيم، كما ان من تجليات ذلك التغيير هو انه بات واقعاً وجود المرأة في قوام مجلس الوزراء، وهو مكسب يتعين الحفاظ عليه وتوطيده. والاحتفاء بيوم للمرآة البحرينية كل عام وما يقترن به من أنشطة تكريمية للرائدات من النساء في المجالات المهنية والعامة هو أمر حميد، ليس فقط من زاوية ما يحمله الأمر من تكريم للمرأة في بلادنا هي جديرة به ومستحقة له، وإنما أيضاً بهدف تسليط الأضواء على أن هناك قضايا تخص المرأة وضرورات النهوض بها ما زالت بحاجة إلى متابعة وحل، وهناك أجندة واسعة تتحرك عليها الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي البحريني وفي مقدمتها موضوع قانون أحوال الأسرة، الذي ستظل المطالبة بأن يكون واحداً غير مجزأ من قضية ماثلة لا يصح التراجع عنها أو التهاون ازاءها رغم كل الصعوبات والتعقيدات. وهناك أيضا قضية الكوتا الانتخابية التي يطالب بها اللوبي النسائي، كتدبير مؤقت يمكن النساء من الوصول إلى المجالس المنتخبة، خاصة مجلس النواب، فمع استمرار العمل بالنظام الانتخابي الحالي ستظل مسألة وصول المرأة إلى هذه المجالس متعذرة إن لم تسند بتدابير ضرورية، لعل الكوتا إحداها. وهناك ملفات أخرى ذات صلة، بينها منح الجنسية البحرينية لأبناء البحرينيات المتزوجات من غير بحرينيين، فضلاً عن قضايا ذات طابع مهني ومعيشي تتصل بمساواة المرأة في الراتب مع الرجل في العمل نفسه، وما إلى ذلك من قضايا تتبناها النقابات العمالية والاتحاد العام للنقابات. غني عن القول إن إشاعة مناخ ديمقراطي في العمل النسائي، كما في أي عمل آخر ذي طابع جماهيري، ضرورة كي يؤتي هذا العمل أُكله المنتظرة، والمقصود بذلك هو الإقرار بتعددية الآراء والتصورات، وإيجاد الأطر التنظيمية التي تتسم بمرونة تستوعب هذه التعددية. هذا أولاً، وثانياً من الضروري صياغة برنامج يركز على المطالب الحيوية للمرأة البحرينية وحقوقها في التعليم والعمل وسن التشريعات الضرورية التي تضمن هذه الحقوق، بما في ذلك تلك الجوانب المتصلة بحقوق الأمومة والطفولة، وتمكين المرأة البحرينية من تبوؤ المناصب العليا في الدولة، تقديراً لوعيها وللتقاليد الراسخة التي أرستها، وتعبيراً عن تفتح المجتمع البحريني ونضجه. ومن المهم أيضاً توسيع نطاق النشاط التضامني للمرأة البحرينية مع شقيقاتها في البلدان العربية الأخرى، وخاصة نساء فلسطين اللواتي يجابهن آلة الحرب الإسرائيلية، وكذلك نساء وأطفال العراق ضحايا الوضع المعقد هناك الناجم عن استمرار الاحتلال وهيمنة الميليشيات المذهبية واتساع أعمال الإرهاب والعنف.
صحيفة الايام
7 ديسمبر 2009