المنشور

على صلةٍ بيوم المرأة البحرينية – 2

من توطئة الأمس رمينا القول أنه على الرغم ما يبدو في الظاهر من تراجع في مكانة المرأة أو دورها، فإن الأمر في الواقع خلاف ذلك، أي أن مكانة المرأة ودورها في الحياة الاجتماعية والسياسية إلى ازدياد، لا إلى تناقص، دون أن يعني أن ذلك أن كل الأسئلة المتصلة بهذه القضية قد حُلت أو أنها في سبيلها إلى الحل. قلنا أنه لا يوجد تاريخان منفصلان أحدهما للرجال والآخر للنساء. وحين نتحدث عن التاريخ المعاصر للحركة السياسية في البحرين بوسعنا أن نقول القول نفسه. فلا يمكن الحديث عن هذه الحركة دون التوقف أمام مساهمة المرأة. وطبيعي أن حجم التحولات الاجتماعية – الاقتصادية التي شهدتها البحرين واتساع الخدمات الاجتماعية التي قدمتها الدولة في مجالات التعليم والصحة والتوعية قد أسهما في إحداث حراك اجتماعي نشط في البلد كان من نتيجته تضييق دائرة الأمية بين الرجال والنساء على حد سواء. وبالنتيجة أصبح عدد النساء المتعلمات إلى ازدياد مما ساعد على سرعة واتساع انخراطهن في الحياة الاجتماعية والثقافية، وأصبح عدد النساء في سوق العمل لافتاً ليس فقط بسبب ضغط الضرورات المعيشية وإنما أيضاً بسبب الوعي بأهمية العمل وضرورته كقيمة اجتماعية، وتعد تلك إحدى مظاهر نمو الوعي لدى البحرينيين إجمالاً. وشأنها شأن الرجل أبدت المرأة البحرينية وعياً بضرورات العمل السياسي والمطلبي، إن في دائرته الكفاحية من أجل المطالب العامة للشعب، أي مطالب الديمقراطية وتعزيز الاستقلال الوطني والتنمية المتوازنة المستقلة، وإن في الدائرة المهنية والنقابية وفي العمل التطوعي على أنواعه. وأسهم سفر الأجيال الشابة من البحرينيين، شباناً وشابات، في عقود ماضية للدراسة في الجامعات العربية والأجنبية في زيادة خبرات وتجارب هؤلاء، وبدا ذلك واضحاً على الفتيات بشكل خاص اللواتي كان لهن إسهام بارز في أنشطة روابط الطلبة البحرينيين في الخارج، ومن ثم فروع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وكثير من الناشطات اليوم في العمل النسائي وفي فعاليات الجمعيات النسائية تلقين خبراتهن الأولى في العمل النقابي والتطوعي فترة دراستهن في الخارج. ثم جاء قيام جامعة البحرين، ليوسع من نطاق ديمقراطية التعليم، ونعني بذلك إتاحة فرص أوسع لقطاعات من أبناء الفئات متوسطة ومحدودة الدخل لدخول الجامعة وللتماس مع المناخ الجامعي الذي من شأنه أن يوسع من أفق الطالب ومن اهتماماته. ورغم أن قيام الجمعيات النسائية سابق لانبثاق الحركة الطلابية البحرينية إلا أن الجيل الجديد من الفتيات بين سبعينات وثمانيات القرن العشرين خاصة قد ضخ دماء جديدة إلى هذه الجمعيات، وعمق من محتوى الدور والرسالة التي تنهض بها، ووسعه من الإطار الخيري والترفيهي المحدود ليجعل منه دوراً أكثر التصاقاً بالهم الاجتماعي والوطني، كما أن لهذا الجيل يعود الفضل في تأسيس جمعيات نسائية جديدة شكلت إضافة إلى العمل النسوي في البلاد. وعند الحديث عن علاقة المرأة بالعمل السياسي، يتعين علينا فرز موقف القوى المختلفة من هذه القضية، ونعني بهذه القوى الدولة أولاً، ومن ثم القوى السياسية –المجتمعية في صورتيها الحداثية من جهة، والتقليدية أو المحافظة من جهة ثانية، لنقف على طبيعة النظرة التي حكمت سلوك هذه الأطراف من هذه القضية. للحديث تتمة في حلقة قادمة.
 
صحيفة الايام
3 ديسمبر 2009