في الرابع عشر من هذا الشهر افتتح المنبر التقدمي أيام أحمد الشملان، وهي مهرجان وطني – ثقافي وفني وسياسي، يستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر، وسط حضور حاشد من مختلف الفعاليات الوطنية والسياسية والثقافية التي أجمعت على مكانة أحمد الشملان في تاريخ البحرين المعاصر، كونه أحد أبرز الرموز الوطنية في النضال ضد الاستعمار وأعوانه وفي سبيل الاستقلال الوطني والديمقراطية. يبعث الفخر في نفوسنا أن أحمد الشملان، هذه القامة الوطنية الشامخة، هو الرئيس الفخري للمنبر التقدمي، ولكن شخصية الشملان هي محط إجماع وطني، بما تمثله من تجاوز للتحيزات الضيقة، وفي مقدمتها التحيز الطائفي، الذي غدا سمة المرحلة الراهنة كما جرى التنويه في الندوة التي قدم فيها بعض رفاق الشملان في المحطات النضالية المختلفة شهادات حول عطائه الوطني. أحمد الشملان مثله مثل المناضل الوطني الراحل أحمد الذوادي، ومثل المناضل عبدالرحمن النعيمي منّ الله عليه بالشفاء نموذج للقادة الوطنيين الذين شكلوا وعي مرحلة بكاملها من تاريخ البحرين، حيث وحدوا في صفوف تنظيماتهم المناضلين الوطنيين من مختلف التحدرات الطائفية والاجتماعية، وجمعوهم على برنامج وطني شامل، موجه للمستقبل، ينطلق من الولاء للوطن لا من الولاء للطائفة. لذا لا غرو حين تلتف نخب البحرين السياسية والإبداعية والثقافية حول فعاليات مهرجان أحمد الشملان، لا بالحضور فقط، وإنما بالمشاركة الواسعة في إحياء هذه الفعاليات، رسماً وغناء وعزفاً وكتابة وتحدثاً، ففي ذلك ليس مجرد إظهار لما يحظى به الشملان من محبة وتقدير لدى الجميع، وإنما أيضاً إظهار الالتفاف حول القيم والأفكار والتوجهات والمبادئ التي يجسدها التيار الوطني الديمقراطي الذي يعد الشملان أحد أبرز وجوهه وقادته. حق على هذا الوطن أن يحتفي بأحمد الشملان ورفاقه من القادة الوطنيين، الذين لم يكونوا مجرد مناضلين سياسيين، وإنما كانوا شخصيات اجتماعية مرموقة ساهمت في تشكيل الوجدان الوطني والوعي الثقافي للشعب البحريني، وتركوا بصماتهم الواضحة في صوغ تاريخنا، الذي لا يمكن النظر إليه معزولاً عن مساهماتهم في صنع هذا التاريخ. واذ نعبر عن سعادتنا لهذا الالتفاف حول أيام أحمد الشملان التي ستتوالى فعالياتها في الأيام القادمة، حيث في الانتظار أمسية شعرية غدا، وحفل موسيقي وغنائي حاشد يوم السبت القادم بنادي الخريجين، فضلاً عن ندوتين أخريين تقامان في الأسبوع القادم، فإننا نتطلع إلى أن يكون الاحتفاء بأحمد الشملان وغيره من قادة النضال الوطني احتفاء رسمياً أيضاً. سبق أن طالبنا بأن تكون هناك شوارع أو مدارس بأسماء الراحلين أحمد الذوادي وليلى فخرو وهشام الشهابي، ونضيف اليوم اسم أحمد الشملان أيضاً، إذا أردنا أن نقدم للأجيال القادمة تاريخنا برؤية وطنية شاملة، تستوعب كافة مكونات هذا الوطن ورموزه، في مسعانا لإعادة تشييد ذاكرتنا الوطنية، لأن هؤلاء الرموز ليسوا ملكاً لحزب أو تنظيم بعينه، ولا حتى لتيار من التيارات الفكرية والسياسية، وإنما هم قادة للوطن، يجب أن ينالوا ما هم أهل له من تقدير وإنصاف، فبأفكارهم وتضحياتهم وجهودهم تشكلت بعض أوجه البحرين الحديثة التي بلغناها بعد مشقات لا يعلم عنها شيئاً الكثيرون من متصدري المشهد اليوم الذين لم يخبروا السنوات الصعبة ولم يذوقوا مراراتها.
صحيفة الايام
21 نوفمبر 2009