ثمة قضيتان شغلتا الرأي العام العربي هذا الأسبوع نتناولهما في هذا الملف »نهاية الأسبوع«: الأولى »رياضية سياسية«، تركنا الرياضة للرياضيين لندخل في إسقاطاتها السياسية بقدر ما استطعنا من تناوله، والقصد هنا »لقاء الكراهية« بين مصر والجزائر فيما اصطلح عليه بـ »موقعة أمدرمان«، وما شابهها بالبعد التاريخي في إشارة سياسية إلى المعركة الفاصلة بين جيوش المهدية والجيش البريطاني، عندما هزمت جيوش الإمام محمد أحمد المهدي القائد البريطاني غردون باشا في 1885، ودخلت الخرطوم. أما المسألة الثانية، وبالمصادفة العمياء حدثت يوم الأربعاء الماضي عندما نقض نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي مادة (1) في قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان العراقي الأسبوع الماضي باستخدام حقه الدستوري في آخر يوم من انتهاء المهلة لتصديق الرئاسة عليه، ففجّر جدلاً واسعاً بين العراقيين رغم الاتفاق المبدئي عند غالبية الكتل العراقية على حيف وإجحاف هذه المادة، لكن هذا النقض رافقته مخاوف قد تؤدي إلى تأجيل موعد الانتخابات المقررة في يناير/ كانون الثاني، وهي مخاوف عبّر عنها رئيس الحكومة نوري المالكي، الذي رفض هذا النقض، واعتبره »تهديداً خطيراً« للعملية السياسية الجارية في العراق.
الاحتجاج على البند الأول من قانون الانتخابات ليس جديداً، بل انطلقت حملة احتجاج سلمية غير مسبوقة، منذ اليوم الأول لإقرار البرلمان لهذا القانون تطالب بإعادة القانون إلى مجلس النواب »من أجل تعديل المادتين الأولى والثالثة بما »يؤمّن كامل المساواة في الحق الانتخابي لجميع المواطنين العراقيين، ويكفل ضمان عدم استيلاء الكتل الكبيرة الفائزة على أصوات ناخبين لم يصوتوا لها«، لكن جديد الأزمة أن نائب الرئيس لم يعلن نقضه إلا في اليوم الأخير ليدخل العراق مجدداً في امتحاناته العسيرة، والعبارات المفخخة إلى جانب سيارات الموت المفخخة.
أما معركة »أمدرمان« التي اعتقدنا أن مدافعها سكتت بانتهاء »المباراة« وصعود الجزائر إلى نهائيات كأس العالم وتمثيل العرب فيه، وكدنا أن نقول: »صافي يا لبن بين الأشقاء«، حتى فوجئنا في اليوم التالي (أمس الخميس) »من أن اتصالات على أعلى مستوى سياسي جرت بين القاهرة والخرطوم للتدخل وإنقاذ البعثة المصرية التي تعرضت إلى اعتداءات الجماهير الجزائرية عقب النهاية الفاصلة للمباراة«، وفق إعلان وزير الإعلام المصري أنس الفقي.
وعلى خلفية معلومات عن اعتداء على عدد من المصريين في السودان، أكد السفير المصري لدى الخرطوم في وقت مبكر صباح أمس »أنه جرى إرسال قوات خاصة إلى السودان لتأمين خروج الجماهير المصرية من العاصمة السودانية، فيما تحدثت أنباء عن حصار 130 فناناً مصرياً، وأن الجماهير الجزائرية اشترت عدداً كبيراً من الأسلحة البيضاء من متاجر الخرطوم واستخدمتها في هذه الاعتداءات«..
لا نعرف إنْ كان هذا التصعيد مجرد إشاعة، أم حقيقة، لكن الذي نعرفه تماماً، أن هذا الوضع لا يطاق.
صحيفة الوقت
20 نوفمبر 2009