ملف مناهضة التجنيس يجب أن لا يفرغ من محتواه ويتحول إلى صراع تاريخي حول من هم السكان الأصليون في البحرين, فليس من مصلحة أحد تحويل هذا الملف لإثبات أن الشيعة أو السنة هم السكان الأصليون, إن ذلك موضوع آخر تماما ولا يمتّ إلى ملف التجنيس بصلة.
إن أراد أحد أن يبحث في هذا الموضوع فليكن بحثه أكاديميا وتاريخيا ولا يجب أن يتم إسقاطه على الواقع المعاش في الوقت الراهن, فإن ذلك يعمّق الخلاف الطائفي ويضيف إليه بعدا آخر كان آباؤنا وأجدادنا قد تجاوزوه منذ فترة طويلة.
صحيح أن هناك حديثا حول إعطاء بعض العوائل العربية التي تعيش في خارج البحرين جوازات سفر بحرينية بهدف استغلالها في الانتخابات النيابية لتغليب جهة على أخرى ولكن ذلك أيضا مسألة أخرى فهؤلاء يعيشون في أوطانهم معززين مكرمين ولا يفكرون بالهجرة إلى البحرين مهما كانت الإغراءات.
وكما أنه ليس من الصحيح العودة إلى التاريخ القديم لإثبات أن هذه العائلة كانت بحرينية أصيلة أم أنها نزحت من دولة مجاورة؛ ففي المقابل ليس صحيحا التحجج بأن كانت هذه العائلة أو تلك من أصول عربية أم فارسية, فالبحرينيون ليسوا شعب الله المختار.
لقد عاش الجميع في البحرين – شيعة وسنة وعجم – في نسيج اجتماعي واحد وقد تزاوجوا من بعضهم البعض وبالرغم من أن «العجم» لم يكونوا يتمتعون بحقوق الجنسية البحرينية إلا أنهم قد استوطنوا البحرين من عشرات السنين ولم يعرفوا وطنا آخر غير البحرين فأجدادهم قد ولدوا هنا كما أن البعض منهم لم يقم بزيارة إيران في حياته ولذلك كان إعطاؤهم الجنسية البحرينية وفقا للقانون ولم يشكل تجنيسهم أي اختلال في التركيبة السكانية أو النسيج المجتمعي, بعكس من تم تجنيسهم في الفترة الأخيرة.
شخصيا لا أعارض التجنيس بسبب أن المجنسين الحاليين هم من الطائفة السنية وإنما أعارضه لأن من تم تجنيسهم لم يكونوا يوما من الأيام من نسيج هذا المجتمع ولا يعرفون عاداته وتقاليده ولم تتح لهم الفرصة لكي يختلطوا بالمجتمع حتى أن بعضهم لم يسكن البحرين أو يعش فيها في حياته, شخصيا أعارض التجنيس لأن هدفه لم يكن نبيلا وإنما أريد به كسر التوافق الاجتماعي وتعميق الخلاف المذهبي من خلال تغليب فئة على أخرى وبشكل قسري, أعارض التجنيس لأن من تم تجنيسه ليس لديه ولاء للوطن وإنما ولاؤه لمن قام بتجنيسه, أعارض التجنيس لأن من تم تجنيسه حصل على مميزات لم يحصل عليها المواطن حتى المواطن السني, أعارض التجنيس لما قام به المجنسون الجدد من جرائم لم تكن موجودة في المجتمع في السابق, أعارض التجنيس لأنه ضد وطني.
الوسط 02 نوفمبر 2009م