بعد ايام قليلة يحتفى منبرنا الديمقراطي التقدمي باحمد الشملان احد الرموز الوطنية والسياسية في هذا الوطن الذي تسبح حكايات نضالية طويلة من اجل الاستمرار المضيء للحياة. الشملان الذي احتفظ بشموخ القامة الوطنية والانسانية كان في مقدمة المدافعين عن التحرر الوطني والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية كان صوتا وطنياً مخلصاً حمل المسؤولية بامانة واخلاص دفاعا عن تطلعات هذا الشعب في العيش الكريم. فالحديث عنه يعني الحديث عن شخصية وطنية سياسية شفافة متعددة الاهتمامات الفكرية والادبية والابداعية والثقافية، وعلى هذا الاساس فسيرته الذاتية الحافلة بالمحطات النضالية لا يمكن قراءتها إلا في مسيرة الوطن الكفاحية، وبالتالي فالقراءة هنا جديرة بالبحث والدراسة والتحليل والنقد. حقيقة، لقد عرفت الشملان عن قرب عندما زار دمشق عام 1975 متوجهًا الى موسكو لدراسة الماجستير في القانون الدولي في حينها عرفت الكثير من صفات هذا الرجل ……. من بينها بل ومن اهمها انه مهما اختلفت معه حول بعض الرؤى الفكرية والسياسية العربية منها والدولية فان قلبه يتسع للرأي الآخر دون تعصب او تخوين.. نعم هكذا كانت صفاته وممارساته السياسية والاخلاقية في العمل السياسي والديمقراطي الذي انخرط فيه بتفانٍ ونكران ذات. وعلى الجانب الآخر، فهو يتملك فسحة واسعة من الثقافة والابداع اي لديه مساهمات ابداعية تتجلى في النقد الادبي والفن والمسرح وهناك اصدارات في ذلك. وعندما نتأمل ابداعاته فانه من المفيد ان نشير الى ما كتبه في مقاله عن المسرح تحت عنوان “عشرة على عشرة ولعبة الاسئلة” وهي في الحقيقة دعوة لنقد الذات التي يقول فيها اجمل ما في الحياة انها الحياة هكذا!! دون ألوان او نقوش تقدم لنا نفسها.. ونبقى مع ذلك مدفوعين بالشوق والحنين الى عالم غامض .. مختلف عن الآن اما بالرجوع الى الماضي او الهروب الى المستقبل وتبقى الطفولة التي عشناها دون ان نعيها قابلة للحضور كصورة لذكرى يلفها ضباب الغموض ولذة البراءة.. لكن الحياة كواقع.. اذا لم نهرب منه بمبتكرات عصرنا الداعية للهرب تبقى في جوهرها مشعة بالقدرة على امتاعنا دون الحاجة للهرب وقادرة على مساعدتنا لاكتشاف نواقصنا والجهر بها للتخلص منها فلا احد خالٍ من السلبية في جانب من جوانب شخصيته ولا يوجد مثال اعلى خالٍ من عيب ما ولا ينكسر امام المواجهة الصادقة مهما كانت قدرته ضعيفة ومحدودة مقابل جبروته. الشملان الذي اعتقل كثيرا طاف بشعره بين جدران الزنازن والمعتقلات والمنافي .. نعم طاف شعره وهو يردد للوطن: اراك بعيداً بعيداً اراك ألم تقترب قبله في المساء يساورك الورد موجاً لتسبح نحوي واسبح نحوك اصب لموجك نهري فتغسل مائي تعيد ولادة صوتي فكيف يظل رفيقي طريد الموانئ ويبقى فضاؤك صحواً كأن لا نجوم تحوم إليك كأن لا مطر! واخيراً نقول ما اجدرنا ان نجعل من هذا المهرجان محطة تعزز بين القوى الديمقراطية والتقدمية المزيد من التلاحم، وان نعمل على تعميق التيار الديمقراطي في هذا الوطن الذي يئن تحت وطأة القوى الاصولية المذهبية والطائفية. حسنًا فعل منبرنا التقدمي الذي خطا هذه الخطوة المميزة التي نأمل ان تصبح تقليدا رائدا في مسيرة التقدم والحداثة.. تحية “لابي خالد” الذي نزف بصمت طيلة عقود وعساه عالقوه تحية لكل من حفر ثقباً مضيئاً في جدار القمع والعتمة والتخلف.
صحيفة الايام
7 نوفمبر 2009