مع اقتراب موعد انعقاد اجتماعات الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر أطراف الاتفاقية (اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP-15) والدورة الخامسة لمؤتمر أطراف الاتفاقية العامل بوصفه اجتماعاً لأطراف بروتوكول كيوتو (CMP-5) لتغير المناخ في كوبنهاغن في ديسمبر المقبل، تزداد وتتكثف الضغوط من جانب الدول المتقدمة على الدول النامية من أجل تغيير مواقفها والقبول بأخذ التزامات (إلزامية وليست طوعية) بالتخفيض (تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة) في فترة التخفيض الثانية اللاحقة لفترة التخفيض الأولى التي ستنتهي في عام .2012
فبعد أيام سيعقد اجتماع برشلونة (من 2 إلى 6 نوفمبر 2009) وقبله في الفترة من 28 سبتمبر إلى 9 أكتوبر 2009 عقد اجتماع بانكوك، وذلك ضمن سلسلة الاجتماعات التحضيرية التي تعقدها أطراف التفاوض وتحديداً الدول المتقدمة والدول النامية على مدار السنة قبل الاجتماع السنوي لأطراف الاتفاقية والبروتوكول. هدف هذه الاجتماعات هو تحديد ماهية مرحلة ما بعد عام ,2012 وهو العام الذي تنتهي فيه مرحلة التخفيض الأولى للانبعاثات والتي ابتدأت في عام 2008 وذلك بموجب بروتوكول كيوتو لعام .1997 وهي مرحلة (مرحلة التخفيض الأولى) جرى الاتفاق بشأنها بين الأطراف على التزام الدول المتقدمة أو دول المرفق الأول (Annex I countries) بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة لديها وهي ستة غازات أبرزها غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الذي يشكل 3,71٪ من إجمالي الانبعاثات، إلى جانب غاز الميثان (CH4)، وأكسيد النتروز (N2O)، والهيدرو فلورو كربونات (HFC5)، والبيرو فلورو كربونات (PFC5)، وهكسا فلوريد الكبريت (SF6) - خفضها بما يزيد عن 5٪ (تصل نسبة التخفيض المقررة على الاتحاد الأوروبي إلى 8٪ والولايات المتحدة 7٪) وصولاً لمستوياتها التي كانت سائدة سنة .1990
الدول المتقدمة تريد أن ينتهي مفعول اتفاق ‘بروتوكول كيوتو’ بانتهاء فترة التخفيض الأولى في عام 2012 وإنشاء اتفاق جديد وبديل للبروتوكول لا يستثني ولا يعفي من التخفيض هذه المرة الدول النامية بحيث يكون اتفاقاً شاملاً لكل الدول وملزماً لها جميعاً بحصص التخفيض المقررة تبعاً لما سيجري عليه اتفاق أطراف التفاوض.
وهذا غير معقول أبداً لأنه يعد تحايلاً واضحاً ومحاولة للالتفاف على الالتزامات المقررة على الدول المتقدمة بموجب الاتفاقية الإطارية (UNFCC) والبروتوكول (KP). فالاتفاقية والبروتوكول غير محددي المدة، وأما عام 2012 فهو لا يعدو أن يكون تاريخاً لانتهاء فترة التخفيض الأولى التي يتوجب على الدول المتقدمة خلالها تقديم ما يثبت قيامها بإجراء التخفيضات المقررة عليها خلال الفترة الأولى (من 2008 إلى 2012) قبل الانتقال إلى فترة التخفيض الثانية.
وهكذا فلقد حولت الدول المتقدمة الاجتماعات التمهيدية في بون وفيينا وبانكوك إلى محطات لممارسة ضغوطات متواصلة على الدول النامية من أجل دفعها للقبول بأخذ التزامات بالتخفيض، وهي ستواصل نفس السياسة في اجتماع برشلونة. وحتى خطة عمل بالي (Bali Action Plan) التي تم التوافق عليها في مؤتمر الأطراف الثالث عشر الذي عقد في بالي بإندونيسيا في عام 2007 يريدون تفسيرها على أنها أرضية لصياغة اتفاق جديد ‘يخلف’ بروتوكول كيوتو، مع أن الخطة تؤكد على القضايا الأربع الأساسية الواردة في الاتفاقية والبروتوكول وهي:
- التكيف (Adaptation)
- التخفيف (Mitigation)
- التمويل (Financing)
- نقل التكنولوجيا (Technology Transfer)
وبالإضافة إلى توجه الدول المتقدمة المقصود لإغراق ورقة التفاوض (Negotiation Text) التي هي حصيلة نقاشات وتوافقات الاجتماعات التمهيدية (اجتماع بون تخصيصاً) والتي ستعرض كأرضية للنقاش والاتفاق في مؤتمر الأطراف في كوبنهاجن في ديسمبر المقبل (يرجح أن يتم إدخال تعديلات أو إضافات أو حذف عليها في اجتماع برشلونه التمهيدي الأخير (في نوفمبر المقبل) - إغراقها بجملة من المقترحات المتشابهة والمتنافرة من أجل إرهاق وإرباك أطراف التفاوض للدول النامية، فإنها عملت على إدماج فريق العمل المعني بالالتزامات الإضافية لدول المرفق الأول تحت بروتوكول كيوتو وفريق العمل المعني بإجراءات التعاون طويلة المدى تحت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وذلك من أجل تعميم موضوع التزامات التخفيف ليشمل كافة أطراف التفاوض بما فيها الدول النامية. إلا أن الأخيرة فطنت لهذه اللعبة ورفضت الدمج على أساس أن الاتفاقية والبروتوكول قد خلقا مسارين منفصلين للتفاوض وهو ما أكدته أيضاً خطة عمل بالي.
وللحديث صلة
صحيفة الوطن
1 نوفمبر 2009