هناك ما يشبه الاجماع بين النواب والحكومة على فرض نظام ضريبي على الاستثمارات الاجنبية التي تتدفق منذ عقود وتخرج ارباحها إلى الخارج وهذا ببساطة يعني وخاصة في ظل تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية التي امتدت آثارها إلى اكثر من مجال ان هذا المقترح او هذا النظام اذا ما نظرنا اليه من حيث زيادة العوائد المالية حتماً سيساهم في تنمية الدخل القومي والاقتصاد الوطني ومع ذلك لم يخلُ الامر من صعوبات تواجه هذا النظام ولاسيما اذا ما طبق على الاستثمارات الاجنبية دون المحلية. عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب جاسم حسين يقول: ان مبدأ فرض الضرائب امر لا خلاف عليه ولكن لا يجب استثناء المستثمرين المحليين من هذا النظام وإلا اصبحنا كمن يفقأ عينه بيده “وعلى هذا الاساس يقول ايضاً: من الواجب عندما نريد تطبيق هذا النظام ان لا يكون هناك تمييز بين الاستثمارات الاجنبية والمحلية فالتمييز سيؤدي إلى هروب الاستثمارات. اذاً ما يدعو إلى الاخذ بهذه التحذيرات او هذه الرؤية التي يترتب عليها استقرار وتوزان في المجال الاستثماري هو ان البحرين حسب التقرير الاستثماري العالمي الصادر 2009 عن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية “الاونكتاد” تشهد تدفقات استثمارية اجنبية مباشرة بمعدل “2” في المئة وبعبارة اخرى ان حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة كما رصدها هذا التقرير وصلت إلى 108 مليار دولار امريكي وهو الاعلى بين دول الخليج بعد السعودية وهو يعكس كما قال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية سلامة الاجراءات التي تم اتخاذها للنهوض بالاقتصاد الوطني وجعله متماسكاً وان استعداد البحرين لا تكون خياراً ملائماً وبديلاً لاستقطاب التدفقات الاستثمارية الآتية من الدول الاكثر تضرراً بالازمة المالية العالمية. وبالتالي ما يجب التفكير فيه هو كيف نحافظ على البحرين كمنطقة جذب للاستثمارات الاجنبية والاهم كيف تضاعف توظيف عوائد الاستثمارات لمصلحة التنمية الاقتصادية والبشرية أي ان هذه العوائد لم يعد لها جدوى كبيرة ما لم توظف لتحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين وايجاد فرص عمل تهدف إلى تخفيض معدل البطالة هذا اقل ما يمكن الحديث عنه بعض النواب الذين ابدوا ارتياحهم وتشجيعهم لهذا النظام الذي يستثني الاستثمارات المحلية نقول لهم: كان من الافضل دراسة هذا المقترح دراسة وافية من جميع جوانبه لان البحرين كما اشرنا سابقاً لها من الامكانيات والمميزات التي تجعلها في مقدمة الدول المستفيدة من الاستثمارات الاجنبية ولذلك ونحن نتحدث عن المصالح الحيوية للبحرين يجب ان ندرك ان عبء هذا الاندفاع له سلبيات كثيرة على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولذلك من الضروري ان نعيد حساباتنا وتفكيرنا في هذا الملف لان ادارته تحتاج رؤية تدفع باتجاه تلك المصالح والكارثة اننا لا يمكن ان نريد هذا الملف وعلى: عيوننا عصابة سوداء. نقول هذا ونحن ندرك بالطبع ان الاستثمارات المحلية لابد ان تحظى بحماية توفرها لها القوانين والتشريعات الاقتصادية كما ندرك ايضاً ان الاستثمارات الاجنبية ينبغي وتحت اشراف الدولة ان تلتزم بالسياسات الوطنية لهذه البلاد وبمصالحها واهدافها المرتبطة بها وفي مقابل ذلك لا يمكن بأي حال من الاحوال ان ندفع نحو هروب رؤوس الاموال الاجنبية المستثمرة من خلال السياسة الضريبية القائمة على التمييز بين المستثمرين، واذا ما حدث هذا التمييز سنصبح كما يقول “حسين” كمن يفقأ عينه بيده.
صحيفة الايام
31 اكتوبر 2009