ليعذرني وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة لأن اختلف معه في
تصريحاته المتكررة بشأن التجنيس، والاختلاف مع من تودّ وتعزّ لا يُغيّر في المودة
شئيا، لأنني أعتقد بأن الوزير له من حسن الخلق وطيب المعاملة والأصل ما يفسح
المجال للاختلاف معه مع الاحتفاظ بتلك المودة.
اختلف معه بشأن تعريف التجنيس أولا؛ لأن التجنيس المعمول به حاليا يخلط
الحابل بالنابل. فلدينا في البحرين شعب أصلي بالمعنى الذي تنطبق عليه مواصفات
الأمم المتحدة للشعوب الأصلية بكل ما في الكلمة من معنى. فالذين يُطلَق عليهم «البحارنة»
لهم أجداد مدفونون في البحرين منذ آلاف ومئات السنين، وهؤلاء لا يمكن أن يقول أحد
بأنهم تم تجنيسهم، وهؤلاء لم يأتوا من المحمرة، بل إنهم كانوا موجودين على هذه
الأرض منذ مئات وآلاف السنين، ومن هذا الشعب يأتي الشيخ ميثم البحراني، الفيلسوف
الكبير الذي عاش قبل أكثر من سبعمئة سنة، وهو الذي تحاول بعض الجهات تجاهله ودثر
تراثه. ولقد تعرّض البحارنة إلى ظلم واضطهاد موثق تاريخيا؛ ما اضطر عددا منهم
للهجرة إلى بلدان مجاورة خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين لحماية أنفسهم
وأعراضهم.
إن هؤلاء رفضوا التخلي عن هويتهم الأصلية أينما كانوا، وتحكي لنا الوثائق
(المتوافرة لكل العالم) أن بعضا من أبناء هذا الشعب الكريم ممن اضطر للهجرة – بسبب
الظلم الذي وقع عليهم – إلى مدينة المحمّرة الإيرانية (ومدن ساحلية أخرى أيضا) قد
تعرّضوا لضغوط شديدة جدا من الحكومة الإيرانية في مطلع القرن العشرين لفرض الجنسية
الإيرانية عليهم، إلا أنهم احتجوا لدى المعتمدية البريطانية (التي كانت تسيطر على
جنوب إيران وعلى سواحل الخليج آنذاك) وتدخلت بريطانيا حينها ومنعت السلطات
الإيرانية من فرض الجنسية الإيرانية عليهم لأنهم من أهل البحرين أصلا وفصلا. وكان أمثال
هؤلاء كثيرون ممن بقوا في بلادهم وعمّروها – رغم كل الظروف – وهم الذين صوّتوا
لصالح استقلال البحرين كدولة عربية تحت حكم عائلة آل خليفة العام 1970، وهم الذين
صوّتوا لصالح الميثاق الوطني العام 2001.
الشعب البحريني الحديث متداخل حاليا، وهناك فئات عديدة وجدت على أرض
البحرين منذ مئات السنين أو منذ عقود طويلة، ومنهم الهولي والقبلي والعجمي وغيرهم
من الفئات التي أغنت النسيج المجتمعي المتعدد من كل جانب… وهؤلاء أيضا لا نستطيع
أن نقول إنهم تم تجنيسهم. فهؤلاء لهم مساهمات كبرى في انطلاق نهضة البحرين، وهم
الذين وقفوا لصالح عروبة البحرين واستقلالها ونموها، ولا يمكن أن نتحدث عنهم وكأن
الجنسية مُنحت إليهم.
وإذا حذفنا الفئات أعلاه من تعريف التجنيس يمكن أن نرى أن تصريحات الوزير
ليس متفقا عليها، ولا يمكن أن نقول بأي حال من الأحوال «إن 95 في المئة من الذين
تم تجنيسهم جعفريون»… اللهم إلا إذا صدق البعض خرافة أن البحرين (مع شعبها) لم
تكن موجودة في التاريخ، وإنما نزلت من السماء فجأة على الأرض قبل فترة محدودة من
الزمن.
تصريحاته المتكررة بشأن التجنيس، والاختلاف مع من تودّ وتعزّ لا يُغيّر في المودة
شئيا، لأنني أعتقد بأن الوزير له من حسن الخلق وطيب المعاملة والأصل ما يفسح
المجال للاختلاف معه مع الاحتفاظ بتلك المودة.
اختلف معه بشأن تعريف التجنيس أولا؛ لأن التجنيس المعمول به حاليا يخلط
الحابل بالنابل. فلدينا في البحرين شعب أصلي بالمعنى الذي تنطبق عليه مواصفات
الأمم المتحدة للشعوب الأصلية بكل ما في الكلمة من معنى. فالذين يُطلَق عليهم «البحارنة»
لهم أجداد مدفونون في البحرين منذ آلاف ومئات السنين، وهؤلاء لا يمكن أن يقول أحد
بأنهم تم تجنيسهم، وهؤلاء لم يأتوا من المحمرة، بل إنهم كانوا موجودين على هذه
الأرض منذ مئات وآلاف السنين، ومن هذا الشعب يأتي الشيخ ميثم البحراني، الفيلسوف
الكبير الذي عاش قبل أكثر من سبعمئة سنة، وهو الذي تحاول بعض الجهات تجاهله ودثر
تراثه. ولقد تعرّض البحارنة إلى ظلم واضطهاد موثق تاريخيا؛ ما اضطر عددا منهم
للهجرة إلى بلدان مجاورة خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين لحماية أنفسهم
وأعراضهم.
إن هؤلاء رفضوا التخلي عن هويتهم الأصلية أينما كانوا، وتحكي لنا الوثائق
(المتوافرة لكل العالم) أن بعضا من أبناء هذا الشعب الكريم ممن اضطر للهجرة – بسبب
الظلم الذي وقع عليهم – إلى مدينة المحمّرة الإيرانية (ومدن ساحلية أخرى أيضا) قد
تعرّضوا لضغوط شديدة جدا من الحكومة الإيرانية في مطلع القرن العشرين لفرض الجنسية
الإيرانية عليهم، إلا أنهم احتجوا لدى المعتمدية البريطانية (التي كانت تسيطر على
جنوب إيران وعلى سواحل الخليج آنذاك) وتدخلت بريطانيا حينها ومنعت السلطات
الإيرانية من فرض الجنسية الإيرانية عليهم لأنهم من أهل البحرين أصلا وفصلا. وكان أمثال
هؤلاء كثيرون ممن بقوا في بلادهم وعمّروها – رغم كل الظروف – وهم الذين صوّتوا
لصالح استقلال البحرين كدولة عربية تحت حكم عائلة آل خليفة العام 1970، وهم الذين
صوّتوا لصالح الميثاق الوطني العام 2001.
الشعب البحريني الحديث متداخل حاليا، وهناك فئات عديدة وجدت على أرض
البحرين منذ مئات السنين أو منذ عقود طويلة، ومنهم الهولي والقبلي والعجمي وغيرهم
من الفئات التي أغنت النسيج المجتمعي المتعدد من كل جانب… وهؤلاء أيضا لا نستطيع
أن نقول إنهم تم تجنيسهم. فهؤلاء لهم مساهمات كبرى في انطلاق نهضة البحرين، وهم
الذين وقفوا لصالح عروبة البحرين واستقلالها ونموها، ولا يمكن أن نتحدث عنهم وكأن
الجنسية مُنحت إليهم.
وإذا حذفنا الفئات أعلاه من تعريف التجنيس يمكن أن نرى أن تصريحات الوزير
ليس متفقا عليها، ولا يمكن أن نقول بأي حال من الأحوال «إن 95 في المئة من الذين
تم تجنيسهم جعفريون»… اللهم إلا إذا صدق البعض خرافة أن البحرين (مع شعبها) لم
تكن موجودة في التاريخ، وإنما نزلت من السماء فجأة على الأرض قبل فترة محدودة من
الزمن.
الوسط 13 أكتوبر 2009م