كثيرة، ولكن بعضها مهم لأنه يحمل في طياته معالم سياسات تؤثر علينا بصورة مباشرة
أو غير مباشرة. فالتحديات التي تناقش على المستوى الدولي تتطرق إلى ملفات التحدي
النووي، والإرهاب، وتغير المناخ، والأزمة المالية العالمية، وانتشار الأمراض
الخطيرة، والفقر، الخ… ونحن كمسلمين وعرب نبقى خارج إطار التفاهم الدائر حاليا
لحل المشكلات العالمية الكبرى، فيما عدا دخول المملكة العربية السعودية مؤخرا في
مجموعة الدول العشرين والتي تسعى حاليا للاتفاق حول سياسات لإنعاش الاقتصاد
العالمي.
لكننا مازلنا بصورة عامة، نعيش في الجانب الآخر من المعادلة، إذ ينظر
إلينا الآخرون وكأننا نحن المشكلة، وهم الحل… وبالتالي فإن الحروب في بلداننا،
والإرهاب ينطلق من بلداننا، ونحن أقل من يهتم أو يعرف أي شيء عن المحافظة على
البيئة، وليست لنا علاقة بمساعدة مناطق الجوار (مثل اليمن والصومال) للخروج من
أزمات الفقر والجوع وفشل مؤسسات الدولة… وإذا كانت لدينا ثروة نفطية، فإن الكثير
منها يذهب لشراء السلاح غالي الثمن من الدول الكبرى وذلك بهدف تكديسه إلى أن يتحول
إلى خردة، ومن ثم نتورط به لعدم تمكننا حتى من إعادة تدويره.
دول العالم العربي والإسلامي لديها فرص كثيرة لكي تلعب دورها بصورة
استراتيجية، وذلك لكي تصبح جزءا من الحل في اجتماعات الأمم المتحدة والمؤتمرات
التي تنطلق في نيويورك، وتتواصل حتى نهاية العام الجاري في كوبنهاغن… ولكننا
منشغلون بمشكلاتنا الداخلية، وبحروب باردة بين بلداننا أكثر من التنسيق لنلعب دورا
استراتيجيا أكبر. ومن يشاهد بعض الفضائيات حاليا يرى كيف تدور الحرب الباردة بين
دول الجوار، وهذه جميعا تستنزف الطاقات، وتنتج ثقافات الكراهية، وتفسح المجال
لإضعاف قدراتنا الاستراتيجية.
والمشكلة أيضا أن الوضع العام ينعكس على مجمل سياساتنا المحلية، فتجد أن
معظم نفقات الحكومة في البحرين، مثلا، تتوجه للأمن والدفاع، وما يتوافر لخدمة
المواطن (في السكن مثلا) تتم إدارته نحو غايات غير سليمة تعزز الفرقة والتمييز في
المجتمع على أسس طبقية وطائفية. وحتى جامعتنا الوطنية مشغولة في اجتماعات وصرف
معاشات لأخصائيين استجلبوا من كل حدب وصوب ليس من أجل اكتشاف دواء ينفع الإنسانية،
وإنما من أجل إصدار قرار لطرد طالبة عبرت عن رأيها. وعندما نقارن هذا المستوى من
الطرح في أوساطنا بما يجري في مناطق العالم الأخرى (بما في ذلك عدة دول إفريقية
كانت فقيرة سابقا) نكتشف بعض أسباب تخلفنا، وأن ما لدينا من ثروة ومؤسسات (حتى
العلمية منها) نستخدمها فقط لإرجاعنا إلى الوراء، لنؤكد بذلك ما تقوله التقارير
الاستراتيجية عن منطقتنا بأنها تمثل «مشكلة» و «عالة»، وهذا
التخلف إنما هو من صنع
أيدينا وليس نتيجة مؤامرة خارجية علينا.
الوسط 23 سبتمبر 2009م