تلقيت دعوة مشكورة لزيارة العراق، والاطلاع على مطار النجف الاشرف، بعد ان بدأت الخطوط الجوية العراقية بالصعود والهبوط داخل مطار صغير ولكنه يمثل أحد اهم المطارات العراقية كونه يقع في العاصمة الدينية للعراق. هبطت طائرتنا الصغيرة، والممتلئة بالبحرينيين، في المطار الذي تديره الشركات الامنية الاجنبية وتقوم بحمايته. العين تدور لتنظر كل ما في هذا العراق، فترى النخيل باسقات والبساتين الخضراء ذات اليمين وذات الشمال، كم سيكون العراق أجمل لو كفت عنه يد العابثين. دخلنا النجف الاشرف، بضيافة كريمة من نائب محافظها، تطلعت في شوارعها غير المرصوفة، وترابها ذي اللون الداكن، فعلمت انني في بقعة مهمة، حضرها العديد من الرؤساء والشخصيات، فهي تمثل مركزا مهما للحكم الجديد، ومحط انظار السياسة والساسة، فالقرار المؤثر يصدر من بين هذه البيوت المتهالكة والقديمة. مررنا بذات منطقة، قيل انها تحتوي على منازل المراجع الدينية، وما هذه المنطقة إلا عبارة عن زقاق كبير، تكون البيوت على جانبية وفي وسطه رجال امن يقومون بتفتيشك عند كل مفرق طريق، تتفرع أزقة صغيرة من ذاك الزقاق الكبير، حتى مررنا بإحداها، حيث رجال أمن مسلحين ينتشرون على طول هذا الزقاق، فسألت عن هذا التواجد الامني في هذا المكان بالتحديد، فقيل ان هذا الزقاق ينتهي الى بيت المرجع السيستاني. دققت النظر في هذا الزقاق، فتذكرت ما اشاهده في التلفاز بعد ان يقوم الساسة بزيارة هذا المكان، وإطلاق التصريحات المهمة التي ترسم الملامح الجديدة للعراق الجديد، فالمرشحون والائتلافات الدينية تنتظر دعما من هذا المكان. مررنا حتى توقفنا امام مسجد كبير مناراته عالية وقبابه صفراء، فعلمت انه مقام علي بن أبي طالب (ع)، يتجمع الكثيرون هناك، فالحركة مختلفة عند هذا المكان، كما ان الجنسيات متعددة، ومن كل حدب وصوب، غير آبهين بما قد يؤل أمرهم، اما العراقيون فيأملون ان تنتعش سياحتهم الدينية حتى يستطيعوا ان يعوضوا الحرمان الذي فرضته الدكتاتورية. كم اتمنى حقا ان ارى العراق الجديد في ثوبه الابيض الزاهي، بعيدا عن كل ما ينغص على أهله ومحبيه، نتمنى ان لا نسمع عن من انحرف فكريا فيذبح ويقتل ويستحيي النساء كما كان فرعون وهامان. العراق سيكون بحلة جديدة، إذا ما تركه المبغضون، وتوقف عنه كيد الكائدين، فهو جميل بناسه الطيبين، وسيكون أكثر جمالا إذا اعتدلت نخيله عن الاعوجاج.
صحيفة الايام
8 اكتوبر 2009