إلى كل الذين وقفوا معها متضامنين وجهت الصحافية السودانية لبنى الأمين رسالة تحية، شكرتهم فيها على وقفتهم معها بوجه الحكم الذي تنتظره بالجلد، لأن”حراس النوايا”، من الجهلة ضبطوها وزميلات لها يرتدين بانطلون الجينز!
طبعت لبنى الحسين 500 بطاقة دعوة ليحضر الناس والعالمون المتضامنون والأصدقاء والأخوان والشامتون أيضاً، إلى قاعة المحكمة التي تنظر قضيتها. “إنها دعوة عامة، تقول لبنى، وكما ترون أنني لم أسرد حتى الآن تفاصيل ما جرى، تعمدت ذلك، وحتى يسمع الناس بآذانهم ويروا بأعينهم من أقوال الاتهام وشهوده، وليس منى أنا. ولنرى ماذا يحكم الناس، ولنرى ما هي الأفعال الفاضحة: أهي في ما ألبسه أنا ولبسته البنات اللواتي جلدن؟ أم في هذه المهزلة التي قاموا بها و تتكرر يوميا دون أن تجرؤ واحدة على الشكوى خوف الصدمة على والديها من الفضيحة، إذن القضية هي المادة 152 التي تعاقب بالجلد أربعين جلدة أو الغرامة أو العقوبتين معا..في موضوع الملابس الفاضحة دون أن تحدد ما هي مواصفات هذا الزىّ الفاضح؟”.
مضت لبنى الحسين قائلة أيضاً: “قضيتي هي قضية البنات العشرة اللواتي جلدن في ذات اليوم….وهى قضية عشرات بل مئات بل ألاف الفتيات اللواتي يجلدن يوميا و شهريا وسنويا في محاكم النظام العام بسبب الملابس.. ثم يخرجن مطأطآت الرؤوس لان المجتمع لا يصدق ولن يصدق أن هذه البنت جلدت لمجرد ما تلبس، والنتيجة الحكم بالإعدام الاجتماعي لأسرة الفتاة و صدمة السكري أو الضغط أو السكتة القلبية لوالدها وأمها، و الحالة النفسية التي يمكن أن تصاب بها الفتاة ووصمة العار التي ستلحقها طوال عمرها، وكل هذا بسبب بنطلون.
شجاعة لبنى الحسين تستحق وقفة الإكبار. لن تقوم قائمة لقضية المرأة في مواجهة ما تتعرض له من إذلال ومهانة، إلا بمثل هذه الوقفات الشجاعة، التي تباغت بجرأتها من يأسرون حرية المرأة، ويجدون في ذلك متعة ، تنم عن ذواتهم المريضة التي لم تُهذب، وهي في ذلك تضعهم أمام المحك الفعلي: أين هو الفعل الفاضح، أفي ارتداء المرأة لباساً ما، أم في جلدها عشرات الجلدات.
لا تضع لبنى الحسن الجلادين وحدهم أمام المساءلة الأخلاقية، وإنما تضع كامل النظام العام السياسي والاجتماعي ومنظومة الأفكار البالية، فالدولة التي يجب أن تنتصر لقضية امرأة تعرضت للإهانة البينة، اختارت العكس، بأن حشدت أمام قاعة المحكمة التي نظرت القضية جحافل الشرطة الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات الأشخاص الذين تجمعوا أمام المحكمة لإبداء تضامنهم مع لبنى، كأن الدولة بذلك تنتصر للنية المبيتة سلفاً بالحكم بالجلد.
منذ ليالٍ قليلة فقط شاهدت على قناة الجزيرة امرأة شجاعة رائعة ونبيلة أعطانا اياها السودان الذي نحب، هي فاطمة ابراهيم التي وصلت البرلمان ذات عام من أعوام المجد محمولة على أصوات الملايين من السودانيين، الرجال قبل النساء، زوجة النقابي الشهيد الشفيع أحمد الشيخ التي أسست للسودانيات اتحاداً يدافع عن حقوقهن، وأصدرت لهن مجلة شهرية تطرح قضاياهن، ودخلت السجن أكثر من مرة، ووقفت تحاجج القضاة في قاعات المحاكم مدافعة عن قضية شعبها.
ولبنى الحسين ليست فاطمة أحمد إبراهيم، ولكنها بالتأكيد واحدة من تلميذاتها النجيبات التي على خطاها يسرن.
صحيفة الايام
1 سبتمبر 2009