بالرغم من جميع التحفظات والمطالبات بإلغاء مشروع امتداد القرى وفتح مدن وقرى البحرين لجميع أبنائها إلا أن وزير الإسكان لم يشر إلى ما يفيد بتوجه الحكومة لمثل هذا القرار خلال مقابلته التلفزيونية، وإنما أكد على استمرار هذا النهج – الذي ثبت خطأه – من خلال تقسيمه للمشاريع الإسكانية لثلاث فئات، هي المشاريع الخاصة والتي يصدر بموجبها قرار من السلطات العليا، والمشاريع العامة التي تخدم جميع الطلبات القديمة وامتداد القرى الذي أثار وسيثير العديد من المشاكل كونه لا يستند على أي مسوغ قانوني أو إنساني.
المبرر الوحيد لهذا المشروع الذي أقل ما يقال عنه أنه يظلم بصورة فاضحة أصحاب الطلبات القديمة، والذين هم أحق من غيرهم في أية قطعة من الأرض أو أي منزل يبنى في أية منطقة من مناطق البحرين لا فرق بين المحرق والدراز أو الرفاع وبني جمرة هو أن هذا المشروع يبقي التجانس الاجتماعي والامتداد الطبيعي لقرى البحرين.
هذا النسيج الاجتماعي لا يمكن إبقاؤه إلى مالا نهاية كما أنه ضد التطور الطبيعي لأي مجتمع من المجتمعات، فلو أبقي هذا المبرر لما شهدت منطقة مثل سار مثلا هذا التطور العمراني والخدمي بحيث تحولت من قرية صغيرة إلى مدينة متكاملة توجد بها المطاعم والسوبرماكتات ودور السينما وحتى النوادي الخاصة، وغيرها من وسائل الترفيه والخدمات وستتبعها العديد من القرى البحرينية شئنا ذلك أم أبينا.
ولو أبقي على النسيج الاجتماعي لما شاهدنا قرانا ومدننا العريقة كالمحرق والبديع تعج في «فرجانها» بهذا الكم الهائل من السكان الآسيويين، حتى وصل هذا الأمر للكثير من القرى الصغيرة التي تتجاور فيها بيوت الآسيويين المؤجرة لبيوت المواطنين، فهل من المعقول أن يقبل المواطن أن يجاور آسيويا – وأرجو أن لا يفهم ذلك على أنه تقليل من شأن الآسيويين فجميعنا بشر وإخوة في الإنسانية – ولكن هل يعقل أن يفضل المواطن مجاورة الآسيويين على مواطنيه حتى وإن كانوا من طائفة أخرى.
لماذا تقبل المواطنون من الطوائف المختلفة مجاورة أخوانهم في مدينة عيسى ومدينة حمد وفي سار وفي جميع المدن الحديثة الراقية ويرفضون مجاورتهم في البسيتين والشاخورة والنويدرات؟
إن فرز المجتمع بهذه الطريقة التعسفية لن يخدم الترابط الاجتماعي ولن يحافظ على نسيج القرى – إن كان لا تزال هناك قرى في البحرين بالمفهوم التقليدي للقرى – وإنما سيعزز الطائفية وسيحاول ولو إلى حين تشطير الوطن الواحد بحيث تصبح منطقة خاصة بالطائفة الشيعية، وأخرى بالطائفة السنية، صحيح أن مثل هذا التشطير كان موجودا في السابق ولكنه كان يعود لظروف طبيعية ولم يكن مفروضا من قبل الدولة.
صحيفة الوسط
24 اغسطس 2009