مع بداية رمضان، الكلام الذي يتداوله الناس وفي كل مكان ونقصد بالناس الذين لا حول لهم ولا قوة، وهم الغالبية كلام تدور رحاه حول مصروفات هذا الشهر الكثيرة والمرهقة، لان عاداته وتقاليده وخاصة فيما يتعلق بالانفاق على الطعام تختلف عن الاشهر الاخرى، اذ تجد بعض الاسر البحرينية مسرفة الى حد التبذير. في هذه الايام التي بدأ فيها رمضان يطرق الابواب، تجد الشوارع والاسواق مزدحمة لدرجة الاختناق وفي هذا الشهر لا يوجد “سوبر ماركت” واحد، وخاصة الكبيرة منها لم يمضِ او لم يتفنن في مهارة كسب الزبائن من خلال عروض وحملات ترويجية يدعي انها مشجعة وكالمعتاد شعارها عند شرائك بقيمة كذا تدخل السحب للفوز باكثر من جائزة ناهيك عن “البروشرات” التي توزع بكثافة ليس في الاسواق فحسب بل كذلك في الاحياء والمنازل وعند اشارات المرور. في هذا الشهر الذي تكثر فيه العروض الاستهلاكية وما يصاجها من دعاية واعلان وظفت بحنكة وذكاء لاستقطاب الزبائن من محدودي الدخل الذين يعانون من عبء تكاليف رمضان، ومن الاجور المنخفضة وعلاوة غلاء المعيشة المتدنية جدا، ومن التفكير في مصاريف العيد والمدارس تجد اقبال هؤلاء على المأكولات الضرورية منها وغير الضرورية وتجد ايضا تخزين الاطعمة، كما لو اننا في حالة حرب قادمة مما يدل على خلل في ثقافة الاستهلاك!! ويدل ايضا كيف تستغل تلك الاسواق حاجة المواطنين المتزايدة “لأغراض” رمضان التي تجد بعضها شارف على انتهاء الصلاحية، كل ذلك طمعاً في معدلات كبيرة من الارباح يحققها تجار الجملة والتجزئة!! في هذا الشهر احادث الناس لا تنتهي عن المساعدات واعمال الخير والتكافل الاجتماعي الذي لابد ان يستمر لا في رمضان وانما على مدار السنة، وعن تبرعات بعض التجار والمحسنين المجزية التي تتمثل في “كابونات” شراء مواد غذائية تستغلها بعض الصناديق الخيرية المحسوبة على جمعيات سياسية دينية طائفية، تؤكد الوقائع عنها ان هذه المواد تذهب لابناء دائرة النائب او المرشح للانتخابات التشريعية القادمة على اساس طائفي كدعاية انتخابية جرى الاعداد اليها منذ الآن!! واما موائد الرحمن او مشروع افطار صائم، فحدث ولا حرج، فهي تستغل لذات الغرض وهذا ما لاحظناه في السنوات الماضية!! وبالاضافة الى ذلك في هذا الشهر يزداد الحديث كبقية الاشهر الاخرى عن الغلاء وارتفاع الاسعار التي تلتهم من دون توقف الاجور التي لا تناسب تكاليف مستوى المعيشة المرتفعة. وللامانة لقد انخفضت اسعار بعض السلع الاستهلاكية “الاساسية” وهذا بالطبع يصب في مصلحة المستهلك، وفضلاً عن هذا وذاك يطول الحديث حول حماية المستهلك من التلاعب بالاسعار وبالتالي فالدور الحقيقي الذي يفترض ان تقوم به جمعية حماية المستهلك هو تفعيل هذه الحماية من خلال تكثيف الرقابة على الاسعار والحد من الغش التجاري والتأكد المستمر من التزام البضائع المستودة بالمواصفات والمقاييس المطلوبة. واللافت أيضاً في تلك الأحاديث أن السلع المدعومة التي يجب أن تتسع مظلتها لتشمل سلعاً أخرى أساسية، لا شك تكشف عن ارتياح كبير لدى الناس من محدودي الداخل، ولكن ما لا نعلمه هو كيف يتم تهريب بعض هذه السلع الى دول الجوار وخاصة اللحوم منها!! بالطبع هناك أحاديث أخرى يتداولها الناس في هذا الشهر الذي يمتاز بالخمول والكسل والنوم ساعات طوال ويمتاز ايضا بضياع الوقت، الا ان هذه هي اهم الاحاديث المتداولة الآن. وبالتأكيد ستتسع هذه الاحاديث لتشمل تفاصيل الحلقات الاولى للمسلسلات الرمضانية الجيدة لا الهابطة والمملة التي بغرض الربح تحاول ان تخدع المشاهد!!
صحيفة الايام
22 اغسطس 2009