تستلزم تقدم العملية التعليمية سياسة اصلاحية واضحة تعمل على تحديث وتطوير المناهج والادوات التعليمية بشكل تتناسب مخرجاتها التنمية واحتياجات سوق العمل وتعمل ايضاً على تعميق الوعي الوطني والديمقراطي والولاء للوطن والانتماء اليه بعيداً عن التعصب الطائفي والقبلي والعشائري والتزمت العقائدي الذي تروج له العقول الدينية المتطرفة في المؤسسات التعليمية. نعم هناك حاجة لان تواصل وزارة التربية بثبات وحزم سياسة اصلاح التعليم ورفع مستوى الكفاءة في الجهاز التعليمي على مختلف المستويات. ومما له اهمية خاصة في هذا الاطار الجهود التي تبذلها هذه الوزارة للحد من ظاهرة “دكاكين” التعليم العالي التي من المؤسف اساءت للتعليم الجامعي وللبحرين ايضاً. بالطبع هناك جامعات خاصة لها مكانتها العلمية والتعليمية والادارية المشرفة ويمكن رؤية ذلك بصورة واضحة في برامجها وانظمتها المتبعة على الصعيد الاكاديمي والفني والكفاءات المؤهلة بالمعرفة وهذا ما عزز منجزاتها ومكانتها في المجتمع البحريني وبالتالي لا يمكن ان نضع هذه الجامعات التي تعد نموذجاً للتعليم العالي في سلة واحدة مع تلك الجامعات التي يجب ان تعيد النظر في سياساتها التعليمية والادارية والاكاديمية وخاصة ان هذه الجامعات متجهة بعدم التزامها باللوائح الاكاديمية والادارية والمالية والانشائية المنظمة لعمل الجامعات الخاصة ومتهمة ايضاً بوجود سلبيات في نظم وطرق واساليب التدريس مما يؤثر سلباً على التحصيل العلمي لدى الطلبة نظراً لعدم تدريب الدارسين على طرق البحث العلمي والتفكير وتفجير الطاقات والمهارات الابداعية من خلال المشاركة فردية كانت ام جماعية تصحيح اوضاع هذا النوع من الجامعات من مسؤولية مجلس التعليم العالي وخاصة ان هذه الاوضاع الخاطئة ظلت سنوات دون رقابة ومحاسبة!! ولذلك نتوقع من هذا المجلس ان يستكمل خطواته الاصلاحية لضمان حقوق الطلبة والجامعات ايضاً ولتقدم العملية التعليمية التي تعد من الاولويات ما بعد مرحلة الاصلاح وهنا لا بد من الاشارة الى تصريح وزير التربية د. ماجد النعيمي حينما قال: ان مجلس التعليم العالي وامانته يحرصان كل الحرص على الارتقاء بمخرجات التعليم العالي في مملكة البحرين ولا سيما مبادرات المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب تشمل جميع المراحل من المدارس الى الجامعات وان المجلس ليس بمعزل عما ينفذ من مبادرات وبرامج تطويرية منبثقة عن هذا المشروع من اجل الارتقاء بالتعليم الخاص وربطه بسياسة الدولة التنموية والرؤية الاقتصادية 2030 التي اعتبرت ان التعليم هو اساس للتنمية ولجعل المواطن البحريني هو الخيار الافضل في سوق العمل ويضيف ان المجلس يجعل نصب عينيه مصلحة الطلبة وحقوق اولياء امورهم ويتحمل معالجة اوضاعهم وفقاً لما هو مقرر في قانون التعليم العالي. الى هنا لا نختلف اطلاقاً حول توجهات وآمال وتطلعات مجلس التعليم العالي الحريصة على حقوق الطلبة والارتقاء بالسياسة التعليمية التي ينبغي ايضاً ان تكون منصفة مع الجامعات ولا سيما تلك التي كثر الحديث عن تجاوزاتها هذه الايام ولكن ما يجب الوقوف عنده هو تلك الاسئلة التي اذا ما أردنا للتعليم الجامعي الارتقاء لا بد ان تناقش باهتمام بالغ من بينها من المسؤول عن هذا الكم من الجامعات الخاصة؟ ولماذا خالفت هذه الجامعات اللوائح والانظمة الادارية والتعليمية؟ ولماذا غابت الرقابة عن هذه الجامعات كل هذه السنوات؟.
صحيفة الايام
15 اغسطس 2009