الكثير من الدول في العالم تحتاج إلى السيولة المفقودة، وكلها تعبر عن حكومات لا تملك الشركات، ومع هذا تنفذ المشروعات الأولى المستمرة المتصاعدة؛ وتشغل مواطنيها بدرجة أساسية، ومشكلات البطالة موجودة لكنها تـُحل بالعديد من الأدوات الاجتماعية، وحتى الفقر المدقع يتم علاجه تدريحياً.
لكن دول الخليج لديها الأموال الهائلة وتتعثر في مشروعات أولية كسفلتة الطرق وعدم انقطاع الكهرباء وخاصة في الصيف، ووضع المصابيح في المناطق المأهولة والقرى خاصة وإيجاد ماء ليس بدرجة ملوحة قاسية كما هو الآن، كأنه مجلوب جلباً من البحر.
رغم أن الناس تريد تحولات هائلة في مدنها العتيقة الرثة واتساعا في بيوتها الحديثة الضيقة وتريد خدمات مميزة!
وتعاني بشدة زحمة المرور وتدفق الشوارع بالسيارات وفي أيام القيظ، وكأن الساحات والشوارع معرض هائل للسيارات!
يقول الكثير من الشركات إن على المواطنين أن يقبلوا وظائفهم الدنيا وأجورهم المحدودة!
وعلى المواطنين أن يقبلوا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العفوية الماشية مثل حركة المياه، لا تخطيط ولا تطور، ولا إعادة نظر في الخطط الاقتصادية وتطويرها سنة بعد أخرى!
على المواطنين أن يرضوا بما يجري، من دون دراسات للأموال العامة والخاصة، ومن دون رفع مستمر لمعيشتهم وتوسيع لأعمالهم وتغيير لوجود العمالة الأجنبية وتقليصها بشكل متدرج.
والمسألة الصعبة القبول بالبطالة الأهلية فيما يتم توفير الأعمال للملايين من الخارج!
وفي بعض بلدان الخليج العربية هناك وفرة وعيش رغيد: رواتب عادية تبلغ ألف دينار شهرياً، وراتب العاطل ثلاثمائة دينار، والقرض السكني بلا فوائد، ولا يقل عن مائة ألف دينار، وراتب للمولود لا يقل عن ثلاثمائة دينار وغير ذلك من الرفاه! ومنحٌ للمتزوجين، وكهرباء ثابتة مخفضة الخ…
وحتى في بلد ذي دخل محدود مثل سلطنة عمان فإن الأمور هينة لينة لشعب ذي عدد سكاني كبير:
(الحد الأدنى للراتب الأساسي في القطاعين العام والخاص هو: 7150 ريالا
راتب العاطل عن العمل 2000 ريال.
منحة لكل متزوج تبلغ 000،40 ريال.
أرض وقرض قدره نصف مليون ريال ويحصل عليه المتزوج خلال مدة أقصاها 6 أشهر من عقد الزواج.
وراتب لكل مولود: لا يوجد
قيمة لجواز السفر
قيمة رخصة القيادة مجانية
الكهرباء 90 ريالا ثابتة
الماء مجاناً
قيمة الإقامة للأجانب 100 ريال كل 3 سنوات.).
إن الدخول هائلة ومع ذلك تحدث الاخفاقات وعدم الدقة في الحسابات وعدم التخطيط الجديد والتلاعبات).
في حين ان دولاً أخرى تنتشر كلمة (لا يوجد) في بعض الجوانب الخدماتية الهامة ودولاً أخرى تتفوق كثيراً على سلطنة عمان!
وعموماً فإن دول الخليج العربية تفتقد إعادة الهيكلة، وذلك بسبب عدم وجود اتفاق بين القوى الاجتماعية والسياسية، حيث تهيمن القطاعات العامة وتحدد الميزانيات كما تريد، وحيث تعملُ القطاعاتُ الخاصة كما تشاء ومن دون القبول بخطط وطنية فيها تضحيات، والقوى العاملة الوطنية تعاني جراء عدم وجود هذه الهيكلة الوطنية المتفق عليها من قبل هذه الأطراف.
إعادة الهيكلة الاقتصادية تتطلب توجيه القطاعات العامة والميزانيات العامة من قبل قوى المراقبة البرلمانية والشعبية بشكل متدرج يحافظ على المصالح الاقتصادية العامة والخاصة الوطنية بحيث تتم المحافظة على الأرباح والأجور الوطنية ونموها التدريجي المشترك كلٌ من موقعه.
وذلك لن يتحقق إلا حين تعي الحكومات خطأ المسارات الاقتصادية الراهنة العفوية والسياسة الاقتصادية اليومية، وضرورة الإصلاح البعيد المدى.
وضرورة السيطرة على قوى العمالة الأجنبية التي تتدفق من دون خطط ومن دون نظر، ولا توجد عملية ضبط وخطط، بل تتدفق حسب العفوية الاقتصادية بشكل هائل، مما يؤدي إلى الاختناقات الاقتصادية والتضادات الاجتماعية.
هناك قوى شعبية راغبة ومستعدة للعمل في حين تـُجلب قوى أجنبية مكانها بشكل هدر اقتصادي على المدى الطويل.
وترفض هذه الوزارات المعنية في كل الدول التخطيط وتقديم المعلومات الكلية عن الاقتصاديات!
فلا يتواجد التعاون بين القوى الاقتصادية والاجتماعية الوطنية في كل بلد.
والحكومات تحتكر الرؤى الاقتصادية والمعلومات ولا تقدم خططاً واضحة للسنوات القريبة التالية وتقول انها تقدم خططاً دقيقة بعيدة المدى!
فهي لا تريد مساهمة القطاعات الخاصة خاصة في هذه الخطط وفي المشاركة السياسية الاقتصادية العامة.
فثمن مساهمة القطاعات الخاصة في التخطيط الاقتصادي العام، والقوى النقابية والسياسية المختلفة أن يكون لها مكان في إدارة الاقتصاد وحل مشكلاته العميقة.
الهيكلة غير معترف بها في دول الخليج على الرغم من التناقضات الشديدة للاقتصاديات الخليجية وذلك بسبب وجود الفوائض النفطية والعيش على العفوية الاقتصادية، وتوزيع الأموال حسب هذه العشوائية النفطية.
وإذا كانت ثمة دول تقوم بتحسين ظروف الناس مهما تبدلت أسعار النفط، وتواصل جعل معيشة القواعد الشعبية بشكل ميسور، فإن دولاً أخرى لا تهتم بذلك، فهي عفوية من كل جانب، بل تحول معيشة الناس إلى تجارة لها.
وفي حين ان دولاً لا تحصل هذه الخدمات البسيطة فيها بسهولة ويسر فإن دولاً أخرى تجرى فيها هذه الخدمات من خلال المشكلات والصراعات.
ثمة دول تجاوزت مثل هذه التطورات للمرافق واتجهت إلى مسائل البنية الاقتصادية والحد من هيمنة القطاعات العامة مع مستوى العاملين المواطنين المتطور!
وهذا سوف يشكل مسارات مختلفة لدول الخليج مع غياب هذا التنسيق واعتبار مصالح الشعوب العربية الخليجية هي بؤرة سياسات هذه الدول.
صحيفة اخبار الخليج
12 اغسطس 2009