بالمجمل نستطيع أن نقول هناك متسع ولكن بشروط تقتضيها الشهور القليلة المتبقية . نستطيع أن نقول إن لدى هذه الطبقة مفاتيح كثيرة لكي تلتف حولها قوى وشخصيات كثيرة ولديها إطار يسّهل مهمات تحركها في التحضير لإنشاء الجنين الجديد للتنظيم المستقبلي (حزب – جمعية سياسية ) إذ تشكل غرفة التجارة أرضية ومادة خصبة كقوة للانطلاق بحصان وماكينة التجار . ولكن لكل حركة سياسية هناك عقل وكاريزما ومبادرة ، تصبح من مهماتها تعليق الجرس في عالم عاش الصمت طويلا، . المسألة مهمة ولكنها ليس من الصعب العثور على الخاتم السحري، فلدى الغرفة كوعاء تجاري قوائم الأسماء والعضوية، وجل هؤلاء صامتون لكونهم لم يجدوا الخيارات الأفضل مما هو موجود فصبوا أصواتهم لشخصيات رشحت نفسها غالبيتهم من الوسط الديني، ولكنهم أيضا لم يمانعوا من التصويت للشخصيات المستقلة التي شكلت داخل المجلس “كتلة المستقبل “وحول الأمرين سنتوقف بعض الشيء في مجرى حديثنا عن مسألة الاستعداد العاجل للدورة الثالثة . لدى المبادرين إمكانية فرز ما بين خمسين ومائة من قائمة الغرفة، وهي زبدة ما يمكن الانطلاق به نحو فكرة التأسيس لاحقا . وفي ذلك الاجتماع سيتم توزيع قوائم الأسماء وسيتم التحرك تجاههم وبنوع من الدقة والتنظيم كمراعاة الشخصيات الأنسب في عملية الاتصال. ولكي يتم الاتصال بشكل ديناميكي، فان ضرورة تقسيم الأسماء على مجموعات للتداعي والنقاش حول أهمية عملية تأسيس تلك الجمعية المدافعة عن مصالح التجار كطبقة أولا وكقوة اجتماعية ثانية وككتلة سياسية قادمة عليها التحلي بنوع من الصبر، بعد استخلاص نتائج تلك الاجتماعات ستبرز الكثير من الآراء والمقترحات . وخلال تلك الاجتماعات الساخنة وقد تكون الصاخبة، ومن المهم إلى من قام بالمبادرة امتصاص كل تلك التشنجات والمخاوف والتردد التاريخي، وعلى تلك الكاريزمات منها أن تكون خلاقة ومرنة وقادرة على حصر المشاكل وتحديد الأولويات وتأجيل التباينات الكثيرة لما بعد انتهاء الانتخابات . في فضاء تلك الاجتماعات ستنبثق أسئلة من أهمها ما قيمة هذه الجمعية وهل بإمكاننا إيصال شخصيات من التجار والمتعاطفين موقفا وفكرا مع ليبراليتها في نقل البحرين نحو عالم أكثر انفتاحا وحريات بدل تلك الجمعيات المتشددة . هل بإمكان هذه الجمعية سحب أصوات الكثيرين من التجار بفئاتهم الثلاث، الصغرى والمتوسطة والكبرى من صناديق اقتراع المتشددين؟ لماذا كان خيار التجار صعبا في الدورتين ؟ هل هناك قناعة فعلية لديهم بمرشحين متشددين للاتجاهات الدينية أم أنهم كانوا مجبرين على التصويت لمن كانوا يرونه مناسبا في مناخ الخيار بين السيئ والأسوأ يصبح نوعا من المفاضلة الدرامية ! أليس غالبية أصوات التجار ذهبت لمن لا يستحقونها وإنما لعبت العائلية والجوانب المذهبية والطائفية دورا فيها وهي صفة لم تكن من طبيعة هذه الطبقة إن لم تجد في الخيارات الصعبة الانحياز لتلك الصناديق المريرة في تاريخنا السياسي.. كما لن تتخلف الشخصيات المحسوبة على كتلة المستقبل عن منح جهودها لإنجاح كتلة التجار. تبقى جمعيات ديمقراطية “قومية ويسارية” لن ترى في أصواتها بعيدا عن المرشح لتلك الطبقة في حالة إعلانه التنافس مع تلك الكتل الدينية التي احتكرت الدورتين وليس بمستبعد احتكاره للمرة الثالثة بنسب مماثلة فيما لو تخلفت القوى الأخرى وفي مقدمتهم الطبقة التجارية عن مشاركتها النشطة وبسرعة . تبقى مسألة مهمة وأخيرة أن تضع تلك الكاريزمات التجارية في ذهن أعضائها، بأن الدورة الثالثة ليست إلا تمريناً عاماً لمعرفة الجوانب العملية من قدراتها ، إذ يشكل تأسيس الجمعية مشروعا استراتيجيا وليس انتخابيا فقط وبعدها ينفض القوم . لهذا ستحتاج طبقتنا التجارية لنوع من صبر أيوب إذ ستتجرع المرارة والانتكاسات ولكن عليها النهوض المرة تلو المرة بهدف بلوغ وتحقيق أهدافها في الدفاع عن طبقتها والليبرالية التاريخية الجديدة في معتركنا السياسي فمن قبلها تجرعت تلك الجمعيات الموجودة في الساحة، مرارة وظروف أقسى تدركها طبقتنا التجارية والتي كثيرا ما عاصرها الجيل الثاني بنفسه في حقبة الاتحادات الطلابية في الخارج . وبإمكان تلك العناصر أن تلعب دورا حيويا في اللحظة الراهنة . قد نعود للتحدث حول دور هذه الطبقة كحلقة مهمة في العصب الاقتصادي للوطن وبأهمية أن يتحول مشروعها السياسي لأبعد من الدورة الثالثة، فأهمية كل مشروع هو البذرة التي ستنبت حصادا لأحلامها الواسعة مستقبلا للمشاركة في القرار السياسي.
صحيفة الايام
2 اغسطس 2009