المنشور

صور من «إيران ـ الكويت والعراق»

ستجدون في هذا الملف ‘’نهاية الأسبوع’’ صور متناثرة، ربما حزينة، أو استفزازية، غير أنها موجودة في داخلنا وليست فيما هو خارج عنا، هذه الصور نلتقطها من مخزون الذاكرة، أو من عدسات كاميرا، لا فرق، ما دامت هذه للتذكير وأخذ العبر والدروس ‘’مما كان، وكيف كان، ولماذا لم يكن غير ذلك؟
الصورة الأولى التقطت قبل 19 عاماً لـ’’هابيل وقابيل’’ ومن ورائهما هناك من زرع فتنة بينهما، ويروى: أن سفيرة الولايات المتحدة إبريل غلاسبي ‘’أعطت صدام حسين ضوءاً أخضر لاجتياح الكويت ليصبح عند أميركا مبرراً للسيطرة على الخليج’’، هذه فرضية من الفرضيات يتم تحديثها بين الحين والآخر، قد تكون صحيحة أو مبالغ فيها، سيان، لكن الأكيد كانت هناك أرضية لوجود مغامرة مجنونة ‘’تفتش عن الاقتصاد’’ قام بها مهووس فجر الثاني من أغسطس/آب ,1990 فجر ‘’الخميس الأسود’’ بالنسبة للكويتيين والعراقيين، ولنا جميعاً أيضاً.
هذه المغامرة استمرت يومين واستولت القوات العراقية على الكويت في 4 أغسطس/آب واحتلال الكويت لمدة 7 أشهر، ثم انتهت بتحرير الكويت في 26 فبراير/شباط 1991 بعد حرب الخليج الثانية، حيث كانت الأولى: مغامرة الحرب العراقية الإيرانية، وكلا الحربين حصدت آلاماً، وهناك أيضاً من تاجر ويتاجر بهذه الآلام إلى يومنا هذا، والدليل أن السجال القائم اليوم ـ عشية الذكرى الـ19 لاحتلال الكويت ما زال ينضح بالكثير رغم تغيير الظروف والمستجدات على الساحتين العراقية والكويتية.
النائب العراقي وائل عبداللطيف ‘’فرقعها’’ وطالب بما أسماه أرضا عراقية مقتطعة وَفق ‘’اتفاقية خيمة صفوان’’ التي يسميها البعض ‘’خيمة الإذعان’’، ويردون الكويتيون على عبداللطيف: بأن ‘’ترسيم الحدود بين البلدين تم وَفق اتفاقية الأمم المتحدة، وأن ما حدث في خيمة صفوان كان لوقف إطلاق النار وليس ترسيم الحدود.
فعل ورد فعل، تراشق بالتصريحات الاستفزازية، تصعيد في العلاقات بين البلدين اللذين أصبحا ‘’زبد على عسل’’ أو كادا، لولا مسألة ‘’الديون وتعويضات الحرب وقضية ترسيم الحدود، وبينهما مطالبات العراق بالخروج من البند السابع’’، والحبل على الجرار.

****
الصورة الثانية من إيران: فتاة رائعة الجمال تتشح بنصف حجاب، أحمر اللون يغطي نصف شعرها، نصف عنقها وينحدر متماسكاً على هيئة لوحة تعبيرية أبدعها فنان، وأيضاً يزيدها جمالاً ورونقاً، بينما اليد اليمنى تحاول بلمسة رقيقة إعادة توازن الوشاح وبرشاقة تتلألأ بربطتين، خضراوين على المعصم والإبهام، فيما اليد اليسرى مزينة بساعة وأساور مرفوعة في عنان السماء على هيئة ‘’تمثال الحرية’’، أما وجهها القمري تخرج من فمه صرخة تحدٍ ورفض لواقع، سائد تريد تغييره، وخلف الصورة هذه، جمهرة شبه مقموعة، أو نصف فارة من أرض معركة نصف عنوانها ‘’حرية التعبير’’ الذي لم يكتمل بعد في إيران، وغيرها من البلدان التي ما زال رجال ‘’الأمن’’، أو الشرطة فيها يحملون العصا .. الهراوات .. رذاذ الفلفل، وربما ‘’سبع رصاصات من كاتم صوت .. وأكثر’’.
هذه الصورة بثتها إحدى وكالات الأنباء في 15 يونيو/حزيران الشهر الماضي وتصدرت واجهات الصحف في شتى أنحاء العالم في اليوم التالي، وفيما بعد صارت ‘’بوسترات’’ يرفعها المحتجون الإيرانيون في تظاهراتهم سوية مع شعار ‘’أين ذهب صوتي؟’’، ويزينونها (هذه البوسترات) بصور ومشاهد قمع المتظاهرين من قِبَل رجال أمن ذوي السترات المدنية ‘’الباسيج’’، وغيرهم من الشرطة العسكرية بلباسهم المعتاد ودراجاتهم النارية، حيث لا يفرقون بين ركل امرأة أو شاب أمام عدسات وسائل الإعلام قبل حظرها من قِبَل السلطات في طهران، و .. أيضاً ما بعد، بعد حظرها (وسائل الإعلام العالمية)، حين سقطت ‘’ندى سلطاني’’ فانحنى كل بأس العالم ليرفعها بكاميرا هاتف نقال، وكيف لا؟ والشاعر العراقي ‘’كفاح عباس’’ قال في إحدى قصائده ‘’إن المسافة بين الرصاصة والقبر/ .. ضغطة سبابة جاهلة!!’’.
 
صحيفة الوقت
31 يوليو 2009