لكونك نائب سابق كيف تقيم اداء النواب على صعيد العمل التشر يعي والرقابي؟
ج1) سبق أن أشرت في أكثر من مقابلة ولقاء صحفي إلى أن شهادتي تعتبر مجروحة عندما يتعلق الأمر بمسالة تقييم أداء النواب كوني نائب سابق وغالبية الموجودين هم إما زملاء أو أصدقاء، ولكن إذا كان ولا بد من إعطاء وجهة نظر باعتباري مراقبا للأداء البرلماني على خلفية تجربة سابقة، فيمكن القول أن أداء مجلس النواب في الفصل التشريعي الثاني الذي بقي على انقضاءه دور انعقاد واحد، يمكن القول أن أداء النواب والكتل سواء بالنسبة للتشريع أو حتى الرقابة هو أداء لا يرقى لطموحات الناس أو حتى للتجربة النيابية التي يفترض أن تكون راكمت خبرات متزايدة في كيفية التصدي للتشريع والرقابة، والواقع يقول أن الأداء سلبي وضعيف في غالبية الملفات ويمكننا أن نقول ذلك من دون أي تجني على أحد، حتى أن كبرى الكتل تعترف أن المحصلة صفرا، ويمكن القول أن رجل الشارع العادي أصبح هو الآخر مراقبا قريبا الى حد ما من التجربة بفعل تعاطي وسائل الأعلام مع البرلمان بصورة مكثفة، ولكن من ناحية حرفية لا يمكن أن نجد ما هو لافت، فملفات الرقابة مبتسرة والقضايا المعروضة ولجان التحقيق المشكلة لا ترقى أهمية بعضها إلى ما هو ملح وضاغط من قضايا وحتى المهمة منها تضيع وسط ضجيج طائفي ومناكفات بائسة وعدم حرفية تؤخر ولا تقدم، ففي حين يهمل المجلس والكتل مناقشة جميع تقارير الرقابة المالية الصادرة خلال السنوات الثلاث الماضية والتي تعج بالتجاوزات والفساد الصريح والتعدي على المال العام وتهمل قضية فساد ” البا” وطيران الخليج وغيرها، نرى هروبا جماعيا للنواب لتشكيل لجان تحقيق في ربيع الثقافة وفي ملكية بعض الفشوت وفي حفر قناة بحرية في سترة وهكذا، وبقدر ما يفصح ذلك عن غياب في الأولويات وعدم وضوح في الرؤية وأقول عدم جدية أحيانا في مناقشة قضايا أساسية، نجد أن هذا الضعف يقابله انقسام طائفي معيب من دون مبرر يلقي بضلاله على الشارع دون رحمة واحترام لهذا الوطن وشعبه، وتتم مناقشة الموازنة العامة التي تحصر في تحديد سعر برميل النفط واللهث للضغط على الحكومة لدفع علاوة الغلاء التي أهدرت لأجلها كرامات الناس مرارا وتكرارا، وهناك العشرات من الأمثلة التي يمكن أن نعطيها على أداء النواب وكتلهم.
ماذا عن اداء المعارضة تحت قبة البرلمان؟ أين القصور في اداء الوفاق؟
ج2) لست معنيا بتقييم أداء الوفاق سواء تحت قبة البرلمان أو حتى خارجها فلديهم ما لديهم من لجان متابعة، وهم مسئولون عن أداء نوابهم والشارع بعد مرور أكثر من سبع سنوات على العمل البرلماني يفترض أن يكون قد أصبح قادرا على التفريق بين الغث والسمين، فالحس النقدي لدى الجمهور يجب أن يكون قد تطور، وأعتقد أن الوفاق كفصيل معارض ذو جماهيرية كبيرية، المطلوب منه أكثر من غيره سواء من تحت القبة أو حتى خارجها، وبكل إخلاص أقول أن الوفاق لا ينقصها الاجتهاد لتحقيق إنجاز ما من تحت القبة تحديدا أو حتى من خارجها، ولكن العمل السياسي المعارض يحتاج بكل تأكيد إلى عوامل عدة تتجاوز الاجتهاد وحتى الإصرار إلى ما هو ابعد من ذلك، فالحرفية والقدرة على المناورة السياسية وتحديد الأولويات وفرض الاحترام وعدم الركون إلى معالجات أو صفقات أو تسويات جانبية لملفات محددة من شأنها أن تلغي التأسيس الفعلي لعمل برلماني حقيقي، والتي من شانها أن تفقد الطرف المعارض القدرة على إيجاد حلول لا تكون مجتزأة، أضف إلى ذلك تظل مسألة اختيار الكفاءات للعمل النيابي هي بمثابة حجر الزاوية في مجمل العمل النيابي، ونرجو أن يستفيد الأخوة في الوفاق باعتبارهم فصيلا معارض من سلبيات العمل النيابي في الفصل التشريعي الثاني، فالتحدي الآن أصبح في كيفية توظيف القصور والعمل مع الآخرين بشكل يخدم العملية السياسية ولا يسمح بتراجعها إلى الوراء خاصة وأن معوقات العمل البرلماني لدينا كثيرة، وأصبح التعاطي معها يحتاج إلى أكثر من انتظار تحقق عدالة الدوائر الانتخابية أو حتى النظام الانتخابي لنبدأ العمل مع الآخرين! فالأفق السياسي المعارض يجب أن يفتح على العمل الوطني المشترك من دون تبريرات لا تقبل الصمود على أرض الواقع والمهم أن لا تضيع أربع سنوات أخرى قادمة على الوطن والناس.
كيف تتوقع أن يكون دور الانعقاد الرابع؟
ج3) عادة ما يكون دور الانعقاد الرابع هو دور قصير ومكثف، وكثيرا ما تلقي الانتخابات البرلمانية المنتظرة بظلالها عليه وعلى الكتل وأداءها الذي عادة ما يكون مرتبكا ولاهثا، وأعتقد أننا سنشهد اتجاها محموما ناحية تحقيق الخدمات خاصة الإسكانية والبلدية على حساب التشريع والرقابة، التي اعتقد أن الحكومة تعتبر نفسها في وضع مريح حيالها، حيث المسائلة لا تتعدى الحديث عن الكم وليس الكيف، أو النوع سواء فيما يتعلق بأسئلة النواب أو حتى بالنظر للجان التحقيق التي لم نشهد فعلا وتأثيرا حقيقيا لها على الأرض. .
الآن ماذا عن المعارضة خارج قبة البرلمان، كيف تقييم ادائها؟ هناك من يرى بان المعارضة تعاني من ضياع البوصلة والتشرذم،ما رأيك؟ ما الذي يضعف المعارضة اليوم؟ هناك من يتهم المعارضة باللعب على عواطف الناس أكثر من العمل ضمن برنامج سياسي؟ خصوصا وان بعض اطرافها لعب دورا في تبرير حالات العنف التي شهدتها المملكة في السنوات الاخيرة؟ ما تعليقك؟
ج4) بكل أسف أقول أن أداء قوى المعارضة خارج البرلمان تكتنفه عدة أمور من بينها حالة عدم الانسجام بين مختلف الأطراف المعارضة، مع محاولة البعض منها اللجوء أحيانا إلى خطابات تصعيدية لاهثة أو استحواذية، بحيث تكفل لهذا البعض أن يكسب أرضية وشعبية غالبا ما تكون وقتية وزائفة ومضرة لمجمل العمل السياسي المعارض، وكل ذلك على حساب العمل السياسي الحقيقي المدروس والممنهج لتحقيق أولويات القوى المعارضة ومصالح الجماهير ألتي يطرب بعضها أحيانا لخطابات التصعيد التي كثيرا ما تذهب كالزبد ولا تقدم جديدا ولا حتى عملا معارضا ايجابيا بل عدمياً، فهو عمل يعتمد لغات عدة منها التهييج والمبالغة والقفز على الأولويات وخلط المفاهيم وضياع الرؤية والابتسار، والتي بكل أسف سرعان ما تتحول إلى سخرية لدى الشارع وتصيب بسلبيتها مجمل العمل السياسي في مقتل، وتزيد بالتالي من حالات الإحباط لدى الجمهور الذي كان يوما مشدودا إلى ذلك الخطاب تحت ضغوط أزماته، التي لا يجد لها حلولا سوى التنفيس الوقتي ، وهذا كما تلاحظين لا يبني معارضة صحية وحقيقية ذات مسئولية أدبية تجاه الشارع، ومن شأن ذلك أن يفقد المعارضة ثقة الناس والجمهور، وبالطبع ينعكس ذلك على الحالة المعارضة ككل وليس على أطراف دون غيرها، ورغم أن هناك قوى سياسية مهمة تسعى لتجويد وترشيد العمل السياسي إلا أن جهودها سرعان ما تضيع في زحمة وفوضى غير مبررة، والمطلوب مزيد من الوعي السياسي لدى الشارع ومزيد من الخطاب السياسي الراشد لبعض القوى المعارضة التي يجب أن تكون بوصلتها الوطن والناس ومصالحهم بالدرجة الأولى، وليس عواطفهم العابرة وطوائفهم أو حتى معتقداتهم التي تقحم بتوظيفات عقيمة وبائسة، فالمعارضة العاقلة والحقيقية هي التي تضع بوصلتها باتجاه مصالح الوطن والجماهير وليس باتجاه نجاحات وقتية أو حتى انتخابية سرعان ما تصطدم بالحقائق على الأرض لتظهر انتهازيتها ووصوليتها أو حتى خواء بعضها، خلاصة القول إن المعارضة بشكل عام في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في الكثير من الأمور المرتبطة بطبيعة ومرتكزات العمل السياسي المعارض حتى لا تجر من حيث أرادت أو أريد لها إلى متاهات ومنعرجات تفقدها دورها ورسالتها الحقيقية وتخلي الشارع من حولها لتبقى مكشوفة الظهر وفي عجز مريع!
ما رأيك في موقف الوفاق من تقاعد النواب؟
ج5) لا ادري لماذا الإصرار على سؤالي حول موقف الوفاق من هذه المسألة فقط، فلماذا لا يكون السؤال حول موقف جميع الكتل التي وافقت على المشروع؟ من واقع خبرة برلمانية متواضعة اعتقد أن مشروع تقاعد النواب هو بصراحة لعبة سياسية اكبر من كونها حقا أصيلا لكل نائب كما هو معمول به في أكثر بلدان العالم،لكن اللافت في موقف الوفاق تحديدا هو انتقادهم المستمر لتقاعد النواب طيلة الفصل التشريعي الأول لنا ولغيرنا من النواب والذي كان مستندا على فتاوى ومرجعيات وجمعيات أربع ومؤتمر دستوري نعرف جميعا مواقفه السابقة واللاحقة من العمل البرلماني، وانتقادات لم تهدأ بالانتهازية لنواب 2002 وحتى تخوين من قبل البعض الذي كان يلاحقنا بالسؤال من مجلس إلى مجلس ومن ديوانية إلى أخرى رغم أننا الكتلة الوحيدة التي رفضت المشروع في برلمان 2002 رغم أننا كنا نتفهم المبدأ وضرورات التقنين لمثل هكذا أمور، وكان يفترض أن ينظر إلى المشروع من مختلف زواياه من قبل جميع الكتل التي صمتت جميعها محملة الوفاق مسئولية الرد والدفاع حتى هذه اللحظة، بصراحة أقول أن تقاعد النواب كان يمكن أن يحسم بمرسوم على شاكلة حزمة المراسيم التي خرجت تباعا قبيل انعقاد برلمان 2002 فلماذا لم يتم ذلك؟ فهل كان ذلك أمرا مجيّراً؟ وبالطبع هناك من يجير هذا الخلط الى حيث يتداخل ما هو سياسي بما هو مبدئي وحقوقي وقانوني ومبدأي وعلى ألشارع هنا ان لا يكون مسيرا أو موظفا بل أكثر وعيا ويقظة وان يمتلك حسا موضوعيا ناقد.
برأيك لماذا كان هناك رد فعل عنيف إزاء الوفاق من قبل الشارع تجاه هذا الملف؟
ج6) اعتقد أن ردة الفعل جاءت من الشارع وبعض القوى السياسية الحليفة للوفاق، خاصة وان التوقيت رغم انه اعد بين الكتل والحكومة إلا أنه لم يخدم الوفاق كطرف معارض، والتي وجدت نفسها مدافعة عن المشروع الذي وقفت ضده واستثمرته لسنوات، وجاء دفاعها هذا عبر مناظرات وندوات لم تتوقف حتى اللحظة وساندتها مواقف لبعض المرجعيات وصلت إلى استدعاء فتاوى من خارج الحدود، دون جدوى، فاللعبة السياسية وبعض الخصومات والمناكفات السياسية كانت لها أبعاد لم تستنفذ أغراضها حتى هذه اللحظة على ما يبدو.
هل تتوقع أن تحصد الوفاق ذات المقاعد في البرلمان القادم؟
ج7) اعتقد أن الواقع الانتخابي لانتخابات 2010 سوف يكون مختلفا على الوفاق وعلى غيرها فإفرازات الواقع السياسي ربما تكون قد خلقت واقعا سياسيا سوف تكون له إسقاطات مباشرة وغير مباشرة، وأنا لا استبعد استحضار أدوات وحقائق سوف تكون بلا شك صادمة للجميع، وإن كنت لا أتمنى ذلك لأنها سوف تعني مزيدا من الخسائر لنا كشعب ووطن، وهنا لابد من القول أن هناك حاجة للتأسيس لفهم يتجاوز منطق الخصومة والمكابرة أو حتى استحضار الماضي بسبب وغير سبب، ولابد من التفكير في مستقبل البلد الذي لن تفيده المماحكات السياسية الباعثة على السام والتي تضر بمستقبل هذا الوطن بكل طوائفه وتياراته ولها نتائج وخيمة بدأنا نتحسس بعضها بشكل أكثر وضوحا، والتي لا تريد أن تتوقف والتي يظهر منها استعداد أطراف بعينها لتسقيط أو تقليص بعضها لصالح حسابات هي ابعد ما تكون عن الوطن ومصالحه، وهي لغة غير عاقلة بل أقول متآمرة ويجب أن تتوقف فهذا الوطن لا يستحق منا أن نقحمه على الدوام في صراعات عبثية المستفيد منها فقط أفراد أو جماعات كثيرا ما تجد في الاستحقاق الانتخابي مدخلا لتمارس عبثيتها بكل صفاقة، فهذا لا يخدم الإصلاح وعملية التطور الديمقراطي ولا حتى المشروع الإصلاحي ذاته، والذي ننتظر منه أن يجدد نفسه باستمرار ويزيل عنه ركام سنوات من التراجع الذي ناله كمشروع،ليفرض نفسه على الأرض كمشروع كل البحرينيين وليس مشروع بعض النخب أو الأطراف المتصارعة إلى ما لا نهاية من دون طائل.
بشكل عام هل ستكون تركيبة برلمان 2010 مماثلة للتركيبة الحالية؟
ج7) أتوقع أنه في ظل المعطيات الحالية أن لا يتغير الكثير وإن كنت أرى أن برلمان 2010 يراد له أن يكون برلمان فيه نسبة اكبر ممن يسمون بالمستقلين، خاصة وأن الدوائر الانتخابية لا زالت تمثل إشكالية كبرى والقانون الانتخابي أيضا يعتبر عقبة أخرى ويساعد هكذا وضع ما أفرزته الأحداث ومجرياتها من فرز طائفي سنظل نعاني منه إلى فترة لن تكون قصيرة.
لنتقل الى التيار الوطني، سمعنا كثيرا عن وحدة التيار الديمقرطي، الا اننا لا نجد سوى تنسيق على صعيد البرنامج الاجتماعية لا أكثر لماذا الى الآن لا يوجد تحرك جاد لتأسيس هذا التيار؟
ج8) التنسيق بين مكونات التيار الديمقراطي تجاوز الى حد ما مسالة البرامج الاجتماعية، وان كنا نام لان ياخذ مساحات اكثر، وهو يلقى اهتماما كبيرا من قبل المعنيين من جمعيات وشخصيات ونحن في المنبر الديمقراطي تحديدا سعداء بمستوى التنسيق وإن كنا نتمنى تسارع وتيرته باعتباره هدفا إستراتيجيا نحو بناء حركة وطنية ديمقراطية نجد فيها بالفعل خيار المستقبل لهذا الشعب الذي لا زال يستذكر بكل فخر أمجاد العمل الوطني الحقيقي أبان هيئة الإتحاد الوطني مرورا بكل تاريخنا الوطني ونضالات شعبنا للإنعتاق من الاستعمار والهيمنة ونحو مجتمع الحريات والعدالة والديمقراطية، والتي لا تغذيها تمايزات العرق والمذهب أو القبيلة أو النسب ولا تضللها المرجعيات بكل تلاوينها بل يظللها الوطن بكل تاريخه، وتحميه الجماهير التي تجد فيه الملاذ من كل تلك الأحقاد التي بدأت تتناوبنا من كل حدب وصوب، وأصبحت تحملنا نحن في التيار الديمقراطي مسئولية أن نكون جميعنا على استعداد للاضطلاع بها بأمانة للأجيال القادمة وكل المخلصين الذين لا يساومون على تراب ومستقبل هذا الوطن ويرفضون تقسيمه تحت أية مسميات.
هل يمكن النزول في الانتخابات بقائمة وطنية موحدة تجمع اطراف التيار الديمقراطي؟
ج9) المنبر الديمقراطي التقدمي هو أول من بادر في انتخابات 2006 بالدعوة لتشكيل كتلة الوحدة الوطنية والتي دخلتها شخصيات سياسية وحقوقية ودخلتها المرأة وكان فيها من التنوع الكثير وكنا نأمل أن تجد الكتلة تجاوبا اكبر، لكن هكذا هي طبيعة العمل السياسي وتحولاته، والمهم ان الحاجة لكتلة الوحدة الوطنية هي ما يطرحه الجميع ومنهم من هو جاد ومنهم من سيستخدمها للاستهلاك من دون قناعة حقيقية، ونحن بحسب فهمنا للعمل السياسي وتراكماته نتفهم حاجة الآخرين للتحالف في صيغ مختلفة من دون شك ولكن آمالنا في تشكيل وطني للانتخابات النيابية القادمة هي باتساع الفضاء الذي يمكن أن يستوعب كل المخلصين.
هناك من يتهم المنبر بالانتقاء في تأسيس هذا التيار، واستثناء جمعيات سياسية لبيرالية منه، بمعني ان المنبر متهم باختزال التيار الوطني والديمقراطي في الامتداد القومي والشعبية والتحرير، ما تعليقك؟
ج10) هذا كلام غير دقيق ، لكن الواقع يقول أن أي تحالفات أو تنسيق بين مختلف مكونات التيار الديمقراطي لا يمكن لها أن تستتب وتقوى من دون وجود تنسيق مشترك وأولي بين هذه المكونات الثلاثة، ونحن لم ولن نضع فيتو على أي طرف نجد فيه الإخلاص للوطن ووضوح الأجندات ولديه مفهوم وطني ديمقراطي حقيقي، ونتيجة حرصنا على نجاح التنسيق بين مختلف القوى فإننا بحاجة لتفهم وإفهام شركائنا في هذا العمل الاستراتيجي الذي نرى فيه المستقبل بضرورة الاستفادة من تجارب الماضي خاصة وان موقعنا النضالي وتاريخنا المشترك كقوى تقدمية ووطنية وديمقراطية يشفع لنا بأن نؤسس معا فهما موضوعيا يضمن تحقيق أقصى درجات النجاح ونحن لهذا منفتحون على كل الفضاء الوطني والشخصيات الوطنية من دون استثناء وللأمانة فإننا نلقى تشجيعا ودعما من قبل كل هؤلاء للاستمرار والمضي في مهمتنا التي نراها ويراها معنا كل هؤلاء المخلصون أنها مهمة تاريخية لابد أن ننجزها مهما برزت أمامنا من عقبات.
ما سبب الضعف الذي يعانيه التيار الديمقراطي؟
ج10) الضعف الذي يعانيه التيار الديمقراطي له عدة أسباب بعضها موضوعيا وبعضها ذاتيا، فكما تعلمين التيار الوطني الديمقراطي هو من كان يقود مسيرة العمل الوطني طيلة العقود التي سبقت عقد التسعينات بل أن عقد التسعينات ذاته يخبرنا أن العشرات من مناضلي جبهة التحرير الوطني البحراني كانوا يملئون المعتقلات حتى منتصف التسعينات وكانت المنافي شاهدة على ذلك العدد الكبير من المناضلين الذين ينتمون للتحرير والشعبية حتى مجيء الميثاق، فيما كانت الأبواب مفتوحة والمنابر والأموال وعناصر التعبئة الجماهيرية متوافرة لدى من يتصدرون العمل السياسي اليوم،أضف إلى ذلك تحولات العمل السياسي على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي والتي ترافقت مع انتهاء فترة الحرب الباردة وما لها من انعكاسات سلبية على دعم حركات التحرر الوطني ودخول المنطقة في أكثر من ثلاث حروب مدمرة والعسف الذي أصيبت به القوى الديمقراطية التي حوصرت واضطهدت وهمشت طيلة العقود الثلاثة الأخيرة لحساب تيارات وقوى أصبحت بفعل ذلك تمتلك مقومات العمل الجماهيري التعبوي ولكنها لا تمتلك مقومات العمل الوطني الديمقراطي الحقيقي.
من ضمن الانتقادات الموجهة للمعارضة الوطنية بأنها ترفض مد اليد للتعاطي مع السلطة، ما رأيك؟
ج11) هذا سؤال ملتبس، فما هو المقصود باننا كقوى وطنية لم نمد اليد للتعاطي مع السلطة، وأنا لا أتحدث بالنيابة عن الكل ولكنني اؤكد أن القوى الوطنية الديمقراطية قدمت الكثير من الدعم والإسهام لإنجاح كل المشاريع التي رأينا فيها مصلحة وطنية فقد دعمنا ميثاق العمل الوطني ودعمنا كل توجهات الإصلاح التي تعطلت بفعل فاعل وليس بسبب عدم مساندتنا، ودعمنا مشاريع التنمية السياسية والاقتصادية كما في قوانين العمل والنقابات وتنظيم سوق العمل ورؤية البحرين الاقتصادية وشاركنا من موقعنا في انتخابات 2002 وانتخابات 2006 رغم علمنا بقصور التجربة وكل المحاذير الدستورية التي لا زلنا نطالب بإصلاحها وليس هناك من يسمع ودعونا لمحاربة الطائفية والتمييز والفساد في برامجنا وندواتنا وعملنا البرلماني وورش عملنا وبرامجنا السياسية ووضعنا تحت تصرف الوطن كل طاقاتنا وخبراتنا التي صقلتها التجارب لعقود لخدمة الوطن من قانونيين وحقوقيين وأطباء واقتصاديين ونقابيين ومفكرين وأدباء ومفكرين ومثقفين وغيرهم كل ذلك في سبيل نهضة وطننا ولم نطلب سوى أن نكون شركاء حقيقيون في نهضة الوطن من دون منة عليه.
المنبر التقدمي دخلت انتخابات 2002 وفازت بثلاثة مقاعد ولم تكن حينها قد شاركت الوفاق، وفي2006 أيضا شاركت الوفاق واسقطت التقدمي، كيف للمعارضة أن تسقط المعارضة؟
ج12) هذه هي طبيعة الحراك السياسي والإنتخابات بشكل عام، خاصة عندما ينعدم التنسيق بين مقومات قوى المعارضة أو تغيب التحالفات أو يصاب العمل السياسي المعارض بعاهات وتشوه.. ونحن نتقبل ذلك ونتفهم ظروف العمل السياسي بشكل عام ونسعى لإصلاح ما اعوج منها بقدر طاقاتنا، من هنا يمكنك فهم مغزى حرصنا الدائم على إيجاد صيغة عمل وطني ربما تبدأ مع الانتخابات لكنها حتما يجب ان تمتد إلى أفق العمل الوطني الواسع والبناء.
مجلس النواب متهم بالطائفية والانقسام، ما هو السبيل للخروج من هذه الازمة؟
ج13) السبيل لذلك هو أن يكون لدينا أولا قانون مفعل لتجريم الطائفية والتمييز وان يعاد النظر في النظام الانتخابي برمته وأن ترسم الدوائر الانتخابية على أسس أكثر إنصافا للجميع، وحتى تزول كل مظاهر الغبن الاجتماعي وتسود العدالة، ويعاد النظر بصورة عملية في كافة التشريعات التي تغذي عوامل الفرز المذهبي والطائفي، وعلى الدولة أن تتحمل كامل مسئولياتها تجاه ذلك بالدرجة الأولى حتى تكون لدينا وزارات لا تعرف الطائفية ومسئولون لا يعملون لأجل الطوائف ومناهج لا تخرج أجيال مشوهة طائفيا ووطنيا وتشريعات عادلة تنصفنا جميعا على قاعدة المواطنة، حينها فقط سوف يكون لدينا مجلس نيابي وطني لا يعرف الطائفية، واعتقد أن ذلك ممكن جدا لو تفاعل المعنيون من رسميين وعلى مستوى الدولة مع هذا النهج والتوجه حبا في البحرين وأهلها.
الوفاق طرحت مشروع الدائرة الانتخابية الواحدة ما رأيك فيه؟ المنبر التقدمي طرح خمس دوائر الانتخابية، لماذا خمس تحديدا؟
ج14) بين طرح الوفاق لتوجهها نحو الدائرة الواحدة وطرحنا لرؤية متكاملة ومفصلة للدوائر الخمس يكون هناك عامل مشترك بين قوتين أساسيتين في مجتمعنا البحريني تسعيان لأن يكون هناك نظام انتخابي أكثر عدلا ويحقق مصالح الجميع وبإمكاننا كقوى سياسية وبالتعاون مع الآخرين أن نحقق تفاهما وطنيا حول النظام الأنسب للانتخابات ولكن الأهم من ذلك هو أن تقبل السلطة بالتنازل عن موقفها لمصلحة بناء نظام انتخابي صحي وحقيقي، ونحن في المنبر الديمقراطي التقدمي نجد أن مشروع الدوائر الخمس يحقق العدالة للجميع ويعطي مساحات من المشاركة السياسية لمختلف مكونات المجتمع وللنساء تحديدا وللقوى الأصغر حجما جماهيريا وهذا في حد ذاته مكسب للمشروع الإصلاحي الذي لا نقبل أن يكون جامدا وغير متطورا، وسوف نطرح رؤيتنا للدوائر الخمس بصورة أكثر تفصيلا وشرحا للجماهير في الفترة القلية القادمة ولدينا كامل الثقة في قبولها الجماهيري بشكل كبير ولكن يبقى تجاوب السلطة معنا في تحقيق ذلك.
هل يمكن أن تحل المشكلة الطائفية في ظل الانقسامات الحالية وسيطرت الإسلام السياسي؟
ج14) أنا لا اعتقد أن قوى الإسلام السياسي بقادرة أو مؤهلة للإسهام في حل الانقسامات الطائفية ، فهذه القوى إما يعتاش بعضها على الطائفية أو يستفيد أو يوظف بعضها الآخر تداعياتها، وهي قوى لا يمكن التعويل عليها أبدا لحل المشكل الطائفي، والدليل هو ما تقوم به قوى الإسلام السياسي من توظيف طائفي ومذهبي بغيض إبان الانتخابات والتحشيد لها على أسس طائفية ومذهبية وفئوية فكيف لها أن تقنعنا بعد ذلك بقدرتها وحرصها على محاربتها.
هل صحيح ان التيار الوطني يحمل خطاب نخبويا بعكس التيار الإسلامي الذي يتعامل مع الناس بشكل مباشر؟
ج15) التيار الوطني لم يكن فيما مضى يحمل طابع نخبويا محضا، فقد كانت إسهامات الحركة الوطنية ممتدة على كل شبر من ارض الوطن وتاريخه وعبر تضحيات ونضالات لا يمكن لأحد نكرانها فالتيار الوطني كان في المدارس وفي المصانع وفي الأدب وفي الثقافة وفي الفكر كما كان في الزنازن والمعتقلات والمنافي، لكن إرهاصات العمل السياسي ومحاصرة القوى الوطنية في رزقها وعملها وإمكانات تطورها والسعي الممنهج لتحجيمها فرضت واقعا لا يمكن له أن يستمر حيث انكفأت النخب وعُزلت عن الجماهير والعمال والبسطاء، وتكونت نتيجة لذلك طبقات وفئات نفعية سخرت ووظفت الفراغ الذي تركه عزل القوى الوطنية وتهميشها لبناء قوى تقوم على مفاهيم تتخذ من الدين وسيلة ومن المشاريع الخيرية منفذا لقلوب الناس وحاجاتهم، من هنا تحولت القوى الوطنية قسرا لكي تصبح معزولة وفي أحسن الحالات نخبوية، ولكن هذا الوضع لن يستمر فالساحة ومعطيات الواقع تقول بالحاجة لإعادة الاعتبار للقوى والتيارات الوطنية التي ترى فيها شرائح واسعة مستقبل الوطن.
كيف تقرأ مستقبل المعارضة السياسية في البحرين؟
ج16) أعتقد أن مستقبل المعارضة سيظل مرهونا بقدرتها على فهم واقعها السياسي بشكل أكثر عمقا وموضوعية، كما أن مستقبلها مرهون بقدرتها على نسج تحالفات وعمل وطني حقيقي فيما بينها ليس بهدف مصالح انتخابية وقتية، وإنما لمصالح ذات أبعاد إستراتيجية يكون فيها الوطن ومستقبله وتنميته خيارا لا رجعة فيه بالنسبة للمعارضة والحكومة، ويجب حينها مغادرة العقلية القائمة بالنسبة لطبيعة إدارة الملفات بينها وبين السلطة ، وهنا يتحتم على السلطة أن تبدي مزيدا من الشراكة مع المعارضة باعتبارها ضرورة وليست ترفا، حيث أن عملية التطور السياسي في أي بلد لا تبنيها الحكومات في معزل عن المعارضة، فالمعارضة هي عامل صحة وقوة للنظام السياسي لأي بلد، ومن شأن العمل السياسي أن يُرشد كل بوادر التطرف لدى الطرفين، فالمسألة إذا تكمن في ضرورة الإذعان لمبدأ الشراكة الذي تحتاجه الحكومات كما تحتاجه المعارضة، وهو خيار يجب تفعيله والتدرج فيه على أرضية من الشراكة الفاعلة وليس عبر تهميش القوى المعارضة أو إلغاءها.