كل ما تريده الشعوب في المنطقة هو أن تعيش بسلام، أن تعطى فرصة لو لسنوات أن تعيش من أجل الحياة لا من أجل الحروب.
ليست هناك طائفية أو عنصرية في مقاومة المغامرات العسكرية للأنظمة العسكرية.
لقد وقفت القوى الديمقراطية والتقدمية ضد مغامرات النظام العراقي السابق، ولم تهتم بما يزعم بأنه يمثل مذهبية دينية أو اتجاها سياسيا، فليس الحكم على الأنظمة بما تقوله بل بما تقوم به من تهديد لحياة البشر ومن تعريض سلامتهم للخطر، ومن جلب للقوى الأجنبية لكي تنتشر في الخليج وتهيمن عليه!
إن الادعاءات كثيرة، ولكن ما هو الواقع الفعلي؟
لقد قامت الأنظمة العسكرية التوسعية في أوروبا في القرن الماضي على مثل هذه الادعاءات وعلى هذه الهتافات العنصرية.
لكن هل هناك وعي عربي وإسلامي وتقدمي شديد الحساسية لهذه المخاطر في منطقتنا؟
هل نحن نساهم في منع المحارق في المنطقة، أم ندعها تمضي كما فعلنا مع محارق النظام العراقي السابق، حتى جعلنا الأساطيل الأجنبية في حلوقنا؟!
هل واجه (وعيهم) الادعاءات الفاشية نفسها التي نثرها الكثيرون على النظام العراقي السابق وعلى مذابحه بدعاوٍ كثيرة حتى أطبقت قوى الغرب على أنفاسنا؟ ثم يحاولون الآن القول بأن المذابح في العراق هي قدرنا لأننا رفضنا المذابح السابقة وأصحابها؟ فقدرنا أن نـُذبح لا أن نعيش!
الحيثيات نفسها تتكرر ولكن بشكل مذهبي الآن وبشكل صامت وليس ثمة فعل أو صوت!
يُعاد تشييد نظام عسكري جديد مغامر وتـُرفض الطرق السلمية داخله وتبدأ أناشيدُ الحروب وتخريب المنطقة لكي تدفع، وتدفع!
والشعوبُ كأنها لا تتعلم، مستعدة لاستقبال أنظمة العنف ومغامراتها.
كأنهم في أبراج عالية لن يصلهم الخطر، وهو الآن قرب مائهم ومشربهم وصيدهم وأسرة أطفالهم!
لكن الشعب الإيراني لن يتخذ طريق النعامة ويدفنُ رأسَهُ في رمال السياسة القومية التعصبية.
لابد أن يكون لكم صوت، ترسلونه لمن بيده قرار الحياة والموت لهذه المنطقة؛ كفْ عنا وارفعْ يدك عن حياة أطفالنا!
لمن بيده القرار تحديداً، تصل إليه ملايين الأصوات والكلمات، نحن نريد أن نعيش بسلام، لا نريد القنابل النووية والقواعد العسكرية الأجنبية والأساطيل.
لا نريد صدّاماً آخر.
لا نريد حزبَ موتٍ شامل في بغداد أو طهران أو تل أبيب.
أوقفوا أنظمة النعوش والمقابر الجماعية والأسلحة الجرثومية والكيمائية!
لا نريدُ حروباً وتدخلات ثم محاكمات وتعويضات وتفقيراً وطيراناً مهيمناً ومناطق محظورة ونشاطاً لقوى الارهاب.
لا تجعلوا إيران على خطى العراق!
لا تجعلوا الحرس الثوري كالحرس الجمهوري!
نحن شعوب الخليج وإيران والعراق نريد السلام ولا نريد الحروب.
لا تتلاعبوا بنا، فليكف البيتان الأبيض والإيراني عن المغامرة بأرواحنا، من أجل نفطنا، لقد أشعلتم الحروب وأفلستم خزائننا، وأفقرتم شعوبنا.
عدة حروب في خلال بضع سنوات، كأننا مخصصون للمجازر الكونية هذه!
الكل لا يريد العنف لكن لا يتكلم.
يناضلون من أجل الحفاظات والبلاعات وليس من أجل السلام ومنع القنابل النووية.
الكل لا يريد استنزاف الميزانيات من أجل الجيوش لكن أفواهه مطبقة!
فليتنظف الخليج من دعوات الحروب ورحلات الجيوش والمدمرات.
فليكف الحرس الثوري عن ثوريته فقد انتهت الثورة وصارت ثورة مضادة.
لا تضحكوا علينا بثوراتكم التي ماتت في شوارع الفقراء المسحوقين.
حولوا الغواصات إلى معامل لدراسة المياه العميقة والثروات فيها.
حولوا السفن الحربية إلى سفن صيد السمك والقواقع والروبيان.
حولوا القواعد إلى ملاعب.
حولوا حديد الموت إلى السيرك والحدائق.
لقد شبعنا من الحروب الموجهة ضد إسرائيل وكانت موجهة ضد دفاتر أطفالنا وميزانيات زراعتنا.
ماذا فعلت البلدان التي تحارب إسرائيل خلال عقود غير أن شكلت عصابات تستنزف الميزانيات؟
لماذا تبحثون عن عدو وهمي لا تقاتلونه بل تقاتلون شعوبنا؟ وتمنعونها من التطور والحرية؟
لا تستطيع الشعوب وهي مغلقة الأفواه، محطمة العقول مستنزفة الجيوب، أن تقاتل وأن تنتصر!
لا يستطيع الجنود الأميون المفلسون في قراهم القامعون لنسائهم وعيالهم أن ينتصروا في مثل هذه المعارك الوهمية!
اجعلوهم مرة أحراراً وشعراء وفنانين ومقاتلين شجعاناً.
ابحثوا لكم عن ضحايا آخرين فقد وعت الشعوب ولم تعد تصدق قادة جيوش مدفعيتهم موجهة ضد شعوبهم!
لا نريد سوى السلام،
السلام
السلام
وارحلوا أيها العسكر!
صحيفة اخبار الخليج
21 يوليو 2009