طافت شوارع المنطقة الدبلوماسية منذ أسبوعين مسيرة عمالية حاشدة دعا لها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ونقابة المصرفيين للتضامن مع المفصولين من بنك الخليج الدولي وبقية الشركات الأخرى، حيث عبرت شعاراتها عن مخاوف وقلق حقيقي يستدعي تلاحم الجسد العمالي الذي تنتظره على ما يبدو أيام نرجو أن لا تكون عصيبة، حيث تم توجيه النقد لصمت الجانب الرسمي على ما يجري، من عمليات فصل تعسفي بحق العمالة البحرينية، وكل ذلك تحت شعار فضفاض عنوانه تداعيات الأزمة الاقتصادية. وبحسب تصريح الأمين العام للإتحاد السيد سلمان المحفوظ، طالت التسريحات حتى الآن أكثر من 230 موظفا، ولا توجد سوى تطمينات رسمية تصمد كثيرا ، الذي ربما يفسر من قبل إدارات تلك الشركات والبنوك المتربصة بعمالتنا الوطنية، على أنه استسلام لواقع وتداعيات الأزمة المالية التي أضحت تعلق عليها الكثير من الظلامات بحق طبقتنا العاملة البحرينية في مختلف المواقع، فسكوت الجهات الرسمية المعنية كفيل بأن يخلق أزمة اجتماعية أكبر، فيما لو تم التساهل مع ما يجري، وسوف يعيد أزمة البطالة مجددا، وبات يحتاج إلى معالجات موضوعية، تراعى من خلالها مصالح الأطراف جميعها، من دون أن تكون عمالتنا الوطنية هي الحلقة الأضعف فيها. فعلى الرغم من إعلان الكثير من تلك المؤسسات والبنوك عن سلامة أوضاعها المالية وإعلانها عن أرباح قياسية مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، كما هو الحال مع بنك الخليج الدولي على سبيل المثال، الذي ارجع أسباب ارتفاع أرباحه تلك لأسباب إنهاء البنك لنشاطه في مجال المتاجرة بالأسهم، ومرجعا سبب تراجع إيرادات الفوائد لديه لسبب تخفيض سياسة المخاطر في ظل الأزمة المالية العالمية الحادة، وكذلك بسبب بعض السياسات الاستثمارية والإدارية التي اتخذتها الإدارة التنفيذية، والتي من الواضح أن ليس للعاملين أي ذنب فيها، مما يطرح تساؤلا حول مدى الكفاءة التي هي احد الشروط المطلوبة للترخيص لتلك المؤسسات! ولا يمكن إقناعنا بأن مجرد التخلص من 59 موظفا بينهم 37 موظفا بحرينيا ممن خدموا لعقود طويلة، وأعطوا من عمرهم وجهودهم لزيادة الأرباح سنة بعد أخرى هو المخرج المتاح من تداعيات الأزمة المالية. والمسؤولية تبقى مشتركة بين إدارات تلك البنوك والشركات والجهات الرسمية المعنية مباشرة ، حيث أصبح معلوما أنه كثيرا ما تترتب بناءً على قرارات إدارية مغامرة أحيانا سواء في الاستثمار أو المتاجرة بأدوات استثمارية معينة عدة أخطار ونتائج كثيرا ما تكون وخيمة، ولها انعكاسات سلبية تتجاوز بكل تأكيد معدلات الربح والخسارة إلى ما هو ابعد من ذلك، تصل إلى حد الأضرار بسمعة وبيئة الاستثمار ذاتها، بل هي تطرح تساؤلات حول طبيعة الجوانب الرقابية ومدى ملائمة التشريعات، وما يعنيه ذلك من تداعيات إدارية على العاملين في تلك المؤسسات بشكل مباشر كما يحدث حاليا مع موجة التسريحات . فوزارة العمل مثلا ورغم المحاذير المرتبطة بطبيعة عملها، تبقى بكل تأكيد مطالبة بدور أكبر لحماية العمالة الوطنية بشكل أكثر بحيث يشكل ذلك الدور رادعا أمام تلك المؤسسات التي ربما تستمرئ المضي قدما في تسريح أعداد متزايدة من موظفيها المواطنين، فيما تبقي تلك المؤسسات على عمالتها الأجنبية ذات الامتيازات العالية والرواتب الكبيرة، لتكون الضحايا في غالبيتهم من المواطنين على عكس ما يوفره قانون العمل من إجراءات تنظيمية في هذا الشأن، لكنها ليست محل التزام من قبل تلك المؤسسات ويمكن لوزارة العمل أن تعرف أدق تفاصيل التوظيف والأجور لديها وزيادات وترقيات الموظفين فيها بكل سهولة، والمسألة هنا لا تنحصر فقط في المؤسسات المالية بل تتعداها إلى العديد من الشركات العاملة واسألوا الموظفين البحرينيين في تلك المؤسسات وما يعانونه من مضايقات ، فيما تذهب الترقيات والامتيازات وحسن المعاملة لصالح الموظفين الأجانب في غياب الرقابة الرادعة لتلك الممارسات بحق عمالتنا الوطنية.
صحيفة الايام
19 يوليو 2009