في حوار ممتع بثته قناة الجزيرة مع رجل الدين اللبناني المفكر هاني فحص، قال ذاك العلامة الذي يلبس عمامة سوداء تدل على نسبه الهاشمي، وبلحيته التي عاث فيها الزمن بياضا، انه ذهب الى النجف الأشرف ليدرس علوم الدين هناك، وما ان وصل الى مكان سكناه، حتى علق في غرفته صورة للثائر جيفارا. سرعان ما أخفاها، فهو ليس في لبنان، إنما النجف، التي تمثل في حينها جامعة العلوم الدينية. رجال الدين هم الوحيدون الذين يعرفون، ان في تلك الحوزات من يرقى على أكتاف طلاب العلم، ومن يزل لسانه بغير قصد فينزل الى الهاوية ولا يعود منها، فالظلم حتى هناك شنيع. يسأله مذيع الجزيرة، كيف تكون معمماً ورجل دين وتضع صورة لجيفارا ذاك الثائر الارجنتيني في غرفتك؟ فيجيبه بسؤال من أعماق الفكر الديني، ان السبب يعود لأنه قرأ نهج البلاغة لسيد البلغاء علي بن ابي طالب “عليه السلام”. السطور ذاتها، فهل يقرأ السيد هاني بخلاف ما يقرأ العالم الفلاني، هذا يؤمن بجيفارا الذي يرفض الظلم والجور ويدافع عن العمال والشغيلة والفلاحين، ورجل الدين ذاك، ينظر الى كل من يقرأ كتاباً عن هذا الثائر بأنه تعد للخطوط الحمراء. أليس من الإنصاف ان نعطي كل ذي حق حقه، ونترك الجنة و النار الى الخالق؟ ألم يعد الامر مفهوما بعد بأننا يجب ان نعيش معنى الانسانية، ألا يشكر المريض من قدم له الدواء دون ان يسأل عن فكره ومعتقده، او مذهبه وعرقه، لأنه قدم له العلاج بدافع الانسانية، فجاء الشكر من ذات المنطلق؟ إذا أردنا ان نعيش معاني الانسانية الجميلة فعلينا ان نشكر من يقدم للبشر معروفاً.
صحيفة الايام
17 يوليو 2009