الموسيقا الكلاسيكية : عمليا يمكن أن نميز معنيين لمصطح الكلاسيكية ( كلمة لاتينية تعني النموذجي،و النمط الذي يحتذى به ).
1. هي الموسيقا النموذجية لأي ثقافة و لأي شعب .فمن خلال الزمن و القناعة العامة تصنف الشعوب أعمالها الفنية على أنها كلاسيكية عندما يكون جمالها و روعتها يصلح لكل الأزمنة . بالتالي الموسيقا الكلاسيكية اللأوربية ( التي على سبيل المثال يمكن أن تصف مؤلفات موتسرت 1756-1791و باخ 1685-1750 و شوستاكوفيتش 1906-1975 ….إلخ ) مختلفة عن الموسيقا الكلاسيكية العربية (التي على سبيل المثال يمكن أن تصوف لأغنية الأطلال لأم كلثوم) .
2. :هي نمط من الموسيقا و اسلوب التأليف انتشر في أوروبا ما بين القرنين 17و 19.
المصطلح يحمل إشكالية في معناه . فما الذي تعنيه بالضبط كلمة موسيقا كلاسيكية؟ هل هو اسلويب في كتابة الموسيقا و القوالب؟ أم هو يشير إلى فترة معينة من الزمن ؟أم القطع الموسيقية التي هي تشكل نموذجا يجب الإحتذاء به ؟ في النهاية مصطلح الكلاسيكية في الموسيقا الأوربية جائت من فن الرسم الكلاسيكي الذي كان سائدا في تلك الفترة. لنفهم هذه الكلمة بشكل أوضح يجب أن نفهم ما تعنيه كلمة الرومنسية التي تعارض و تقابل الكلاسيكية . حيث إن المصطلحَين هما من اليونان القديمة و كانا يدلان على تناوب نوعان من أساليب الفن كما وصلنا من كتابات الفلاسفة و المؤلفين اليونان . حيث أن الكلاسيكية كانت مرتبطة بعبادة الإله أبولو إله الشمس و الحقيقة ، بينما الرومنسية جائت من عبدة الإله ديونيسوس ، التي جائت تاريخيا في فترة لاحقة . المقصود من هذا أن اليونانين قالوا بتناوب أساليب الموسيقا و الفن ما بين العقلاني و العاطفي . من الواضح أن الكلاسيكية تجسد الفن العقلاني و كانت آلتها المميزة هي ما يشبه القيثارة بينما الرومنسية هي موسيقا و فن العاطفة و إلتها المميزة هي المزمار . بالتالي على مر الزمن كان هناك كثير من الفترات الكلاسيكية تناوبت مع الرومنسية ولكن و بسبب الجدل الذي انتشر في فرنسا و بسبب مقالات الكاتبة السويسرية الفرنسية Mme de Staël التي كانت تعرف التغير الذي صار في الموسيقا الرومنسية في الأعوام 1813 و ما بعدها صارا هذين المصطلحين يدلان على موسيقا تلك الفترة من تاريخ أوروبا . لتصبح الموسيقا الكلاسيكية تعني الموسيقا التي سادت ما بين القرن 17 وبداية 19 ، و نشأت بتأثير الفلسفة العقلانية الديكارتية وغيرها ، وكذلك من استطيقيا عصر النهضة,التي رأت في الفن الإغريقي القديم ذروة من ذرى البشرية التي يجب أن نسموا باتجاهها . جوهر الفكر الكلاسيكي يكمن في القناعة العميقة في أن الحياة منطقية ومنسجمة مع الطبيعة,و التأكيد على (النظام) الأوحد الذي يدير العالم . من هنا يمكننا أن نفهم المتطلبات التي أرادها الفانون من الفن نفسه ، على أنه أحد أكبر نتاج للذكاء البشري ، الذي في جوهره _الذكاء طبعا _ يوجد أساس الهارمني الداخلي و النظام و العمومية في التعبير . من الناحية المنهجية تقسم الفترة الكلاسيكية إلى قسمين ، القرن 17 تأسيسها و تعارضها مع الباروك, و مرحلة الإزدهار في القرن 18 وعلاقتها مع الثورة الفرنسية وتأثيرها على باقي أوروبا . الكلاسيكية نشأت في فرنسا التي كانت تخضع لحكم ملكي مطلق ، هي التي أعطت الكلاسيكية قواعدها و قوانينها ، بداية في الأدب و المسرح ( لافونتين ، بوالو ، كورني ، راسين… ) ومن ثم في الموسيقا . المؤسس لكلاسيكية في المسرح الموسيقي ( الأوبرا ) كان لوللي ، الذي أحدث النمط المسمى (التراجيديا الغنائية ) (Lyric Tragidy) القريبة من التراجيديا الفرنسية المسرحية . من مميزات أوبرات لوللي المواضيع الأسطورية, البطولة العالية ،الأسلوب الرفيع في بناء الأوبرا ،الوضوح المنطقي ،الإلتزام بقواعد صارمة ،التوجه للريتشيتاتيف الدرامي المرن ، والتطور الموسيقي . رغم أننا نجد اثار الباروك واضحة لدى أوبراته من خلال الزخرفة الكبيرة . الكلاسيكية في القرن 18 مرتبطة بالتيار التنويري الذي إنطلق من فرنسا و موسوعيتها ( روسو ، ديدرو …) وفلاسفة من أمثال (ليسينغ, هيردر ) . من أهم ما يميز الفكر الكلاسيكي صار تقليد الطبيعة ،العفوية والفطرة والبساطة صارت أكثر طلبا وإلحاحا . الكلاسيكية صارت أكثر قربا إلى الواقعية . في فرنسا الصراع كان على الأوبرا ، ولكن فقط ( غلوك ) الألماني استطاع أن يجدد الأوبرا و يعلن ( اصلاح الأوبرا سيريا -الأوبرا الجديّة- ) مصدرا مؤلفات تتميز بالبساطة والوضوح والرقي الموسيقي. في ذلك الوقت استمرت الكلاسيكية بالتطور بين أساليب أخرى محيطة بها, كالباروك والغالانت …كل هذا حضر إلى ذروة جديدة في التطور الموسيقي ، مدرسة فينا ( أعمال هايدن موتسرت بيتهوفن ) التي امتصت كل التأثيرات الفنية التي كانت تسود أوروبا ،وتقاطعت مع مدرسة فايمار الكلاسيكية الأدبية مجسدة بكل من غوته و شيللر. لمدسة فينا تدين كثير من الأنماط الموسيقية بالظهور و التطور كالسيمفوني و السوناتا و الرباعي . نظرة الكلاسيكية للعالم تتسم بالعقلانية والعدالة ،و التفاؤل بالمستقبل, كل هذا نراه في أعمال موتسرت وهايدن حيث الهارمني الواضح يعكس نظرتهم للحياة ( واضحة ، عمومية ، خالية من الشخصية و ردود الفعل ). علاقة التيما بالقالب كانت متوحدة . فاللحن أبدا لم يكن مستقلا أو حياديا ، على العكس كان يتميز بالنفور والوضوح الشكلي, ولذلك يؤثر فورا في المستمع و يحفظ بسرعة . مع ذلك فالألحان كانت دائما عمومية ، تصف وتعبر عن الأحداث و المواقف العامة لكل إنسان ، ولا تتوقف عند خصوصياته أو حالاته النادرة ، على العكس هي تحاكي المشاعر المشتركة لجميع أفراد الناس . ولهذا سبب نجد أن موسيقا كلاسيكيي فينا تتمتع بشعبية عالمية كبيرة.
المصادر: تاريخ الموسيقا الغربية (Б.Левик)الطبعة الثانية 1980 موسكو. تاريخ الموسيقا الأوربيةФ.Конан)) الطبعة الثالثة 1976 موسكو. الثقافة الموسيقية للدول الغربية (В.Галацкая)الطبعة الثالثة 1983 موسكو. تاريخ الموسيقا (Th. Finney) نيويورك 1962. قاموس موسوعة الموسيقا Г.В.Келдыш . الموسوعة Кругосвет . الموسوعة البريطانية . الموسوعة السوفيتية . —-Maxxx– 17:13، 11 ديسمبر 2007 (UTC)