دماء روت تربة هذه الأرض الطيبة بأهلها، من أجل أن يعيش الناس بكرامتهم، وحريتهم..
لم يرتكبوا جرما سوى إنهم طالبوا بان يشاركوا في صنع القرار، حتى يحصلوا على حقهم في العمل والسكن، لترتفع فاقتهم، ويسكن وجعهم.
فما كان الجواب إلا سياط الجلاد على ظهورهم، فتمزقت أشلاء الزهور وسقطوا على الأرض، ليشقوا في البحرين بحر ثالث بلون مختلف.
تعددت مذاهبهم ومشاربهم وأفكارهم وجمعتهم السباحة في بحر الحرية، فتنقلوا بين البحرين، هذا بقلمه وذاك بمطرقته، وآخر مازال طالبا، لكنهم لم يقبلوا أن تروى زهور بحريننا إلا بالدماء.
تنفسنا الصعداء، حين وضعوا الشمس في يميننا ورفعوها بشمالنا، وانتظرنا الأيام التي يراد لنا أن نعيشها، ظنا منا أن الوطن آن له أن يحن على أبناءه، فيعتبرهم شهداء، ويجازيهم بأفضل الجزاء. ولكن للأسف..
جلادهم الذي وجه السياط لهم لأنهم طالبوا ببرلمان حقيقي يمثل شعبهم، يريد أن يكون نائبا فيه!!..
هل اقتنع أخيرا بأهميته، أشك في ذلك؟ ولكنها سخرية القدر.
أجمل الأيام هي تلك التي نرى فيها من ضحى بدمه من اجل شعبه أن يتوَجه الوطن شهيدا رسميا، يسجل في سجلات الدولة، يثاب معنويا وماديا على ما قدمه من تضحيات.
من رجعوا إلى ارض الوطن بعد غربة أبعدتهم عن حياض أهلهم، يجب أن تقبل تضحياتهم جميعا بلا استثناء، وبلا مقابل.
العدالة الانتقالية التي عملت بها الدول التي تقدر تضحيات أبناءها، هي ما نريده.
من قدم دمه، لا ينتظر جزاء ولا شكورا، ولكن من المعيب أن نجعل الجلاد والضحية سواء.
في أي قاموس وفي أي شريعة يطبق هذا النظام غير العادل.
أمن الإنصاف أن نجعل الذئب مع الضأن، أم من المروءة أن نجعل الثعبان يلعب مع الصبي.
ننشد المصالحة، وننشد الحرية، ونطالب بأن يلغى المرسوم الهزيل الذي يساوي ظلما من حمل السياط ومن قدم ظهره.
الإنصاف لا يحتاج إلى تحالف فقط، إنما يحتاج إلى من يحمل همه، ويتشارك الجميع حتى يكون الوطن حنونا على أبناءه.