المنشور

الوزراء والنواب ومشروع التقاعد وزيادة المكافآت

انفض دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الثاني لمجلسي الشورى والنواب اعتباراً من يوم 29 مايو .2009 بعد حصول النواب على حصة نصيب الأسد، وذلك بإقرار مشروع قانون تقاعد الوزراء والنواب والبلديين، الذي بموجبه وحيثياته سيتقاضى النواب والبلديون الذين أمضوا 4 سنوات معاشات تقاعدية بنسبة 50% من مكافآتهم.. بينما الذين أمضوا 8 سنوات فانهم سيتقاضون 80% من مكافآتهم.
إن حصول النواب والبلديين على الراتب التقاعدي جاء نتيجة لاستماتة مختلف الكتل الإسلامية منذ دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني، ودعمها بكل قوة لـ “مشروع الراتب التقاعدي” الذي دخل في نهاية المطاف حيز التنفيذ وتحقق في دائرة الضوء خلال دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الثاني.
وبحسب ما استمات نواب الكتل الإسلامية كافة منذ دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني وفي مقدمتهم نواب كتلتي “الأصالة والمنبر الإسلامي” من أجل تحقيق مشروع الزيادة للوزراء والنواب والبلديين، إلا أن استماتتهم آنذاك أخذت في التلاشي والأضمحلال.. ومن ثم بلع أولئك النواب الإسلاميون ألسنتهم وآثروا الصمت، بعد أن واجهتهم عاصفة وغضبة الاحتجاجات الشعبية من جماهير شعب البحرين، بمزيد من الضغوط والانتقادات.. وبعد ان أعلن الناخبون شديد استيائهم وامتعاضهم إزاء تلك الأطماع الوصولية لنواب تيار الإسلام السياسي.. ولكن انتهازية هؤلاء النواب دفعت بهم إلى أن يضعوا القطن في آذانهم للحيلولة دون الإنصات، وحشوا أفواههم بالعجين من أجل عدم الحديث أو التعليق.. حتى وصلوا الى نقطة مآربهم، وتوصلوا الى مرتكز غاياتهم حين تبنيهم أساليب ديماغوجية، واتباعهم إجراءات تضليلية، واتخاذهم سياسات ملتوية، انطلاقا من إيمانهم بأن مشروع زيادة الرواتب وزيادة المكافآت المقررة للوزراء والنواب والشوريين قائم منذ دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثاني.
ولعل تصريح النائب السلفي جاسم السعيدي للصحافة المحلية بتاريخ 25 مايو 2009م قائلا “ان مشروع زيادة مكافآت النواب ومشروع صندوق تقاعد الشورى والنواب هدر للمال العام” هو ضحك على العقول والذقون.. كما أن رفض لجنة الخدمات البرلمانية هذه الزيادة لأعضاء مجلسي النواب والشورى، هو محاولة لرفع الحرج والحفاظ على ماء الوجه في المظهر وعلنا.. ولكن ما حدث في الجوهر وفي السر وما بين الكواليس ما بين الحكومة والمجلس الوطني، وهو ما كشفته مصادر برلمانية للصحافة المحلية من أجل تحقيق هذه الزيادة في رواتب ومكافآت النواب والشوريين، يكمن في “صدور مرسوم يتعلق بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم “15” لسنة 2002، بشأن مجلسي النواب والشورى”.
ولعل القول يبقى صحيحاً ان إقرار مشروع قانون تقاعد النواب والبلديين خلال 4 سنوات أو 8 سنوات أمضوها على الكرسي النيابي أو الكرسي البلدي، هو مخالف للدستور، ومتناقض مع قانون التقاعد، ومتعارض مع قوانين ديوان الخدمة المدنية، مثلما يمثل ازدراء للمتقاعدين، وخاصة المسحوقين من الطبقات الدنيا والذين امتدت خدماتهم الوظيفية ما بين (30 و40 عاما).. كما ان زيادة مكافآت أعضاء مجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس البلدية، تمثل بجلاء تلاعباً بالمال العام وهدراً لمقدرات الشعب.
وبحسب ما يمثل مشروع التقاعد هذا ومشروع زيادة الرواتب والمكافآت للوزراء وأعضاء الشورى والنواب والمجالس البلدية ضربة قاصمة للمواطنين بمعاناتهم المعيشية البائسة والمؤلمة، وبتصريحاتهم الأكثر إيلاما التي أدلوا بها، ونشرت في جريدة “أخبار الخليج” بتاريخ 21 مايو 2009م قائلين “النواب تناسوا حقوق من أوصلوهم الى مقاعد المجلس غير اننا فوجئنا باستماتتهم على ضمان مستقبلهم متناسين حاضر ومستقبل الطيف الأكبر من المواطنين”.
ونحن بدورنا نستطيع القول ان نوابا كهؤلاء تمسكوا بمصالحهم وأطماعهم بانتهازية ميكيافيلية، وسعيهم إلى الاستئثار بالمناصب والمغانم، فإنهم يظلون خارجين عن ثقة الشعب واحترام الناخبين.. نوابا كهؤلاء يحاولون بتصريحاتهم العلنية استقطاب المواطنين والناخبين ومحاولة كسب رضاهم واحترامهم وثقتهم في الوقت الذي يسعون فيه في السر ومن وراء الكواليس الى المحافظة على ضمان حاضرهم ومستقبلهم حتى ان اتسما بأساليب ملتوية وغير مشروعة.. نوابا كهؤلاء اتخذوا البرلمان للانقسامات الطائفية والاصطفافات المذهبية والفئوية، فإنهم لا يستحقون قدسية هذا الموقع ونبل هذا المنصب، لكونهم يسيئون للحرية والديمقراطية والدستور والسلطة التشريعية.. نوابا كهؤلاء افتقدوا مواصفات “النائب الحقيقي الملتزم بمسئوليات شعبه ومهمات وقضايا ناخبيه).. فإنهم يظلون غير أكفاء كممثلين للشعب لأنهم ليسوا أهلا وغير أكفاء بحمل قضايا التشريع وسن القوانين ومساءلة السلطة التنفيذية تحت قبة البرلمان.

صحيفة اخبار الخليج
19 يونيو 2009