في ندوة تضامنية مع الموظفين المفصولين من بنك الخليج الدولي، أقيمت مساء الأحد الماضي في المنبر التقدمي، تحدث كل من إبراهيم القصاب عضو الأمانة العامة لاتحاد نقابات عمال البحرين وخليل زينل رئيس نقابة المصرفيين، عن أبعاد هذا التسريح ودلالاته، وحذرا من أن يكون ذلك نذير تسريحات قادمة في مؤسسات مالية ومصرفية أخرى، كون القطاع المصرفي هو أكثر القطاعات التي انعكست وتنعكس عليها آثار الأزمة المالية العالمية. وقد تتبع الأخوان المتحدثان في الندوة مظاهر الأزمات العاصفة التي تضرب بالنظام الرأسمالي العالمي في مراحل تاريخية مختلفة، تعبيراً عن أوجه الخلل والقصور البنيوية في هذا النظام، وما الأزمة الحالية إلا واحدة منها، وسط آراء متضاربة عن المدى الزمني الذي ستستغرقه، بين من يروج لقرب الخروج منها ، وبين من يؤكد بالمعطيات والتحليلات المقنعة أن ما عرفناه حتى الآن من مظاهر هذه الأزمة ليس إلا قمة جبل الجليد، وان العواقب الاجتماعية والاقتصادية القادمة للأزمة هي أخطر بكثير. وكما كانت التوقعات في العالم كله، فان الضحية الأساسية لمثل هذه الأزمة هم الشغيلة من عمال وموظفين، لأن طواغيت المال ليسوا مستعدين للتفريط بمكاسبهم وأموالهم، فيدفعون ، بالتالي، الأجراء من العمال والموظفين إلى البطالة، وليست البحرين استثناء من هذا، ومن هنا خطورة ما جرى في بنك الخليج الدولي من تسريحات، وأهمية أن تكون هناك وقفة عمالية ونقابية حازمة بوجهه، لكي لا يصبح نهجاً عاما على منواله تسير مؤسسات أخرى، ومن هنا أيضاً أهمية أن تحظى هذه الوقفة بمؤازرة المجتمع المدني في البحرين. الكثير من موظفي بنك الخليج الدولي الذين طالهم التسريح أمضوا أكثر من 20 عاما في خدمة البنك المذكور وساهموا طوال سنوات في تعزيز موقعه وربحيته، ولا يجوز، أخلاقياً، تحميلهم آثار ما يواجهه البنك من صعوبات، نتيجة للسياسات المالية الخاطئة التي لم يرسمها هؤلاء الموظفون في يوم من الأيام. إن إجبار هؤلاء الموظفين على تقديم استقالتهم لتعويضهم براتب واحد لكل سنة خدمة أو مواجهة التسريح بدون تعويض عملية خطيرة فيها تحدي لأطراف العمل المختلفة، وتعد كبير على حقوق العمال والموظفين وانتهاك للقواعد المرعية في التشريعات المحلية والدولية. في هذا السياق تجدر الإشادة بمواقف نقابة المصرفيين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في موقفهما الرافض لمبدأ التسريح وفي تحركاتهما الداعمة للموظفين المسرحين، كما تجدر بالإشادة مواقف وزارة العمل التي ذهبت الوجهة نفسها، مع تطلعنا لأن تستمر الوزارة على هذا الموقف وأن تظهر صلابة أكبر في التمسك به، والقيام بدور أكثر جدية تجاه التلاعب بحقوق ومصالح العمال والموظفين، لكي لا تمثل خطوة تسريح موظفي بنك الخليج الدولي أولى حلقاته. وحيث تلوح في الأفق أكثر وأكثر الأشباح المخيفة لتداعيات الأزمة المالية، تبرز الحاجة لضرورة تلاحم الطبقة العاملة دفاعا عن مصالحها الحيوية ومكتسباتها، ولمنع أية خطوات من شأنها تسريح المزيد من العمالة الوطنية.
صحيفة الايام
9 يونيو 2009