المنشور

تسريحات بالجملة!!

في الشهر الفائت سرح بنك الخليج الدولي (37) موظفاً بحرينياً ورغم المحاولات التي بذلت من وزارة العمل لاعادة هؤلاء الى وظائفهم، الا ان هذه المؤسسة المصرفية الخليجية لاتزال تصر على انهاء خدماتهم بحجة الازمة الاقتصادية العالمية والتي كما يدعي البنك انها فرضت عليه اعادة النظر في هيكلة عملياته في المنطقة. وتعويضاً عن اضرار الفصل عرض على المفصولين راتب عن كل سنة عمل، وكذلك راتب عن الثلاثة الشهور القادمة ومثل هذا التعويض تم رفضه من قبل المسرحين لان التسوية هذه لا تعوضهم وظائفهم التي خسروها، وفضلاً عن ذلك ان الجزء الاكبر من هذا التعويض يذهب لسداد قروضهم المستحقة عليهم للبنك!! وفي مثل هذه الحالة ان اقل ما يوصف به هذا التسريح انه خطوة غير مسؤولة لاعتباره فصلاً مخالفاً لاحكام قانون العمل .. وهنا تطرح تساؤلات مشروعة: هل بالفعل تراجعت اوضاع البنك المالية والاستثمارية؟ وإذا صح هذا الامر لماذا بعد التسريح يحتفظ بـ (287) موظفاً؟ لماذا وقع عبء الازمة الاقتصادية على هؤلاء، في حين لاتزال العمالة الاجنبية تشكل نسبة كبيرة من موظفي البنك؟ أليس الاستغناء عن العمالة الوطنية مخالفة واضحة للمادة (13) من قانون العمل؟ لماذا البنك تجاهل نقابة المصرفيين؟ أليست هذه الخطوة سابقة مشجعة لقطاعات اخرى؟ في الواقع لا ننكر تأثيرات الازمة الاقتصادية العالمية على مجمل القطاعات الاقتصادية والمصرفية والمالية، ونتيجة لهذه التأثيرات من الطبيعي ان تتراجع أرباحها وتنخفض قياساً للسنوات السابقة، ولكن لم يعد مقبولاً ان تصبح الازمة الاقتصادية العالمية مبرراً لكل من يريد ان يخفض قوة العمل وهذا في اعتقادنا يتطلب نظاماً رقابياً صارماً يتحقق، ماذا كانت القطاعات الاقتصادية والتجارية والمصرفية التي تنوي الاستغناء عن العمالة الوطنية هي بالفعل واقعة تحت تأثيرات هذه الازمة. ومع كل تداعيات هذه الازمة التي اصبحت لدى البعض من القطاع الخاص شماعة او مبرراً لتسريحات بالجملة كالتي حدثت في بنك الخليج، فان العجب وفي ظل هذه الأزمة تؤكد أغلب التقارير المالية ان مملكة البحرين تشهد لحد ما استقراراً مالياً وابلغ دليل على ذلك انه رغم الكساد ورغم انخفاض الارباح، فان هذه التقارير تشير الى ان العديد من المصارف التجارية والمؤسسات الاستثمارية والمالية لم تخسر على الاطلاق، بل كانت ارباحها في الربع الاول من هذا العام تقدر بالمليارات ويعني ذلك انها لم تتأثر بهذه الازمة!! على العموم، العبث بحقوق المواطن وخاصة حق العمل المكفول لجميع افراد المواطنين يجب مواجهته بحزم؛ لان العبث هذا يعني مضاعفة العاطلين عن العمل ويعني ايضاً تدهور أحوال اسر بحرينية الى مستوى الفاقة والعوز وهو ما يتنافى ليس مع القوانين فقط، بل مع العقل والمنطق والانسانية .. حسناً فعلت جمعياتنا السياسية والنقابات والاتحاد العام لعمال ونقابات البحرين على الوقفة التضامنية مع المسرحين لايقاف قرار الفصل والالتزام بعودة هؤلاء الى وظائفهم، ولكن المثير والغريب ان اغلب نواب الشعب الى الآن لم يتحملوا مسؤوليتهم تجاه قضية المفصولين عن العمل؟! لماذا هذا التقصير؟ ربما لديهم اهم من ذلك وهو معاش النواب التقاعدي او بالاحرى تقاعد النواب!! اذن من يعيد هؤلاء الى وظائفهم؟؟ سؤال لابد من طرحه واذا كنا نقر بحق العمل فان على وزارة العمل ان تضاعف جهودها لعودة هؤلاء، وفي حال الرجوع الى المحكمة العمالية نأمل منها ان تطعن في قرار الفصل وبكلمات اخرى ثقتنا في القضاء البحريني تزيد الثقة بعودة المفصولين الى وظائفهم التي خسروها تعسفاً.
 
صحيفة الايام
6 يونيو 2009