في نهاية الأسبوع الماضي وبتنظيم مشترك من جمعيتي العمل الوطني الديمقراطي والمنبر التقدمي أقيمت ندوة للنائبتين الكويتيتين د. رولا دشتي ود. أسيل العوضي، وهما اثنتان من النساء الأربع اللائي فزن في انتخابات مجلس الأمة الكويتي، وشارك في الندوة بالاضافة إليهما، عبدالله النيباري الأمين العام للمنبر الديمقراطي في الكويت. كانت تلك مناسبة ليس فقط للتوقف أمام مغازي فوز النساء الأربع بعضوية مجلس الأمة ودلالاته، وإنما أيضاً التطواف حول قضايا التجربة الديمقراطية في الكويت، وهي تجربة تعني البحرين، كما تعني مجمل الإقليم الخليجي للوقوف على أوجهها المختلفة. ولفت الأنظار الحضور الكبير للناس الذين جاءوا للاستماع للنائبتين اللتين تحدثتا للمرة الأولى خارج الكويت بعد فوزهما، في المرة الأولى التي تحدثتا فيها خارج الكويت، وفي ذلك مغزى، حيث انتعشت التوقعات بأن رياح التغيير التي هبت على الكويت ستهب على البحرين أيضاً، وكان فوز النساء الكويتيات الأربع، الذي فاجأ الجميع داخل الكويت وخارجها، أعلى من الآمال في أن تحقق النساء البحرينيات اختراقاً في الانتخابات البرلمانية القادمة عام 2010. من حديث النائبتين، ومن حديث الأستاذ عبدالله النيباري، يصح الاستنتاج أن فوز النساء الأربع يجب النظر إليه، بالإضافة إلى أهميته التاريخية، على أنه خطوة في مسار طويل ومعقد، فتمكين المرأة، سياسياً، لن ينتهي بوصول النساء الأربع إلى مجلس الأمة، وانما سيبدأ به. السطح عادة خادع، فعلى خلاف ما كان يبدو في الظاهر من هيمنة القوى المحافظة على المجتمع الكويتي وعلى إرادة الناخبين، بحيث بدا أن فوز امرأة واحدة في الانتخابات مستحيل، فإن الكويتيين، نساء ورجالاً، أظهروا استعدادهم الاجتماعي والسياسي للخيار المعاكس، ودفعوا إلى المجلس النيابي بأربع نساء، فضلاً عن الأصوات الكبيرة التي حصدتها بقية المرشحات في الدوائر الأخرى ولم يُقدر لهن الفوز، وبعضهن تنافس في تلك الدوائر التي تُصنف، حسب التعبير الدارج في الكويت، على أنها دوائر قبلية، وبالتالي فإنها أقل استعداداً للتصويت للنساء . لعل الدلالة الاجتماعية للحدث الكويتي الأخير هي الأهم، فالمجتمع الكويتي المعروف تاريخياً بانفتاحه، خضع في السنوات الأخيرة لهيمنة قوى الإسلام السياسي التي وظفت ما أتيح لها من إمكانيات مالية كبيرة في التغلغل في ثناياه، والقضم التدريجي لمكتسباته الاجتماعية والثقافية، وخلق مناخ من التوتر السياسي الدائم في البلاد تحت عناوين لا تمس جوهر البناء الديمقراطي، وهذه الموجة بلغت مداها، وبدأت في التراجع التدريجي، الذي من علائمه فشل قوى الإسلام السياسي المنظمة في الحفاظ على كامل مقاعدها في الدورات السابقة، أما العلامة الأهم فهي فوز النساء الأربع. والمجتمع الذي أظهر استعداده لاختيار النساء نائبات لن ينظر إليهن على انهن نساء، وإنما سيقيم أداءهن بوصفهن نائبات عليهن التصدي للمهام التي ينتظر منهن التصدي لها، والتي يرى أن من خسروا مقاعدهم من النواب السابقين فشلوا في حلها، وهذا يضع على عاتق هؤلاء النائبات مسؤوليات جساماً. إن أبواب التغيير قد فتحت، ويجب أن تكون القوى الديمقراطية مستعدة لالتقاط المبادرة.
صحيفة الايام
1 يونيو 2009